الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من يدير الإعلام

  • الكاتب:
  • التصنيف:الإعلام

من يدير الإعلام

من يدير الإعلام

أصبحت وسائل الإعلام من مؤسسات صحافية، وقنوات فضائية، وأخرى إذاعية، تعيش مأساة حقيقية، و”كارثة” بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، فعصب استمرار تلك الوسائل هي الموارد المالية ولا شيء سواها، فهي تتكفل بدفع رواتب العاملين واستقطاب الكفاءات والتسويق والانتشار والتطوير.

وبالرغم من كون أغلب مسيّري وسائل الإعلام على علم ودراية بهذا التحول، فهم يعايشون تناقص الأرباح عاما بعد عام، ويتابعون التغيرات الكبيرة التي نشهدها، ولكن على يقين تام بأنهم لم يتوقعوها أن تحدث بهذا الشكل المتسارع، فالتناقص الحاد أصبح يزداد بشكل مضطرد! بل وسريع جداً.

رواد الإعلام الإلكتروني ومشاهير التواصل الاجتماعي ـ أو كما يحبوا أن يطلقوا على أنفسهم “المؤثرين”ـ هم أكثر الناس فرحاً بما يحدث، لأنه ببساطة انتقال “سلطة الإعلام” من تلك المؤسسات لتتحول لهم، وتصبح بين أيديهم، ليكونوا هم المهيمنين على كعكة الإعلام ويصبحوا من أصحاب الحظوة الأكبر، ويصبح الإعلام أكثر نضجاً وازدهارا.

ولكن الواقع يقول غير ذلك، ففي الحقيقة أن هذا الإعلام انتقل من هيمنة “الإعلاميين” إلى “أشخاص” أو جهات بعيدة تمام البعد عن الإعلام! وهذه الجهات هي من تدير واقع الإعلام، وهي من تستحدث وسائله، وتخترع قوالبه، وترسم سياساته المستقبلية، بالرغم من كونها ليست جهات إعلامية إلا أنها تجبر الإعلاميين على الانصياع لتوجهاتها.

التقنيون.. التقنيون
التقنيون، نعم بالفعل “التقنيون” فهم الذين اخترعوا الفيسبوك بخدماته المختلفة، وتويتر بقوالبها المختصرة، وانستقرام بصورها المربعة، واليوتيوب ومقاطعه الوفيرة، وسناب-شات بآليات نشره العجيبة. هم “التقنيون” الذين أجبروا الإعلاميين أن يسايروهم، وأن يحذوا حذوهم، بل كسّروا كل قواعدهم الإعلامية التي تعلموها خلال عشرات السنين الماضية، واخترعوا لهم قوالب حسب أهوائهم!

قالب الهرم المقلوب، وأساليب الرواية، والقصة الخبرية، والفيتشر الصحافي، وجميع فنون الصحافة والإعلام.. في الحقيقة لا تشكل لدى الشركات التقنية أي اهتمام إطلاقا، ولا يعيرونها أي اهتمام!

فالتقنيون- وعلى سبيل المثال ـ تكرموا بمساحة 140 حرف على منصة تويتر أو تكرّموا علينا بزيادته لـ 280، وأتاحوا إمكانية رفع صور في الانستقرام، ومثل ذلك في بقية المواقع والشبكات الاجتماعية وعلى نفس الوتيرة.

آليات خاصة بالإعلان
الأمر لم يقف عند كسر القوالب الصحافية، بل تجاوز ذلك إلى وضع آليات خاصة بهم في الإعلان، فبعدما كان مدراء المؤسسات الإعلامية يتحكمون بسوق الإعلانات الإعلامية من تلقاء أنفسهم.. وتحديد أسعارها وأشكالها وأوقاتها، أصبحوا تابعين ومُسيرين، يقتاتون على الهوامش، من اليوتيوب تارة، ومن الفيس بوك ومن إعلانات قوقل “الآدسنس” تارة أخرى، ويكتفون بمبالغ لا تسمن ولا تغني من جوع!

أقول من جديد أن عصب استمرار تلك الوسائل هي الموارد المالية، فإذا كان لدى المؤسسات الإعلامية رغبة في الاستمرار وروحاً للمنافسة، فيجب أن يدخلوا تحديين أحلاهما مرّ:
إما أن يرضوا بهذا الهامش المالي البسيط ويعيشون على ما تبقى لهم من فئة قليلة من المعلنين الذين يعيشون على ذكريات الماضي ويتناقص عددهم يوماً بعد يوم.
وإما أن يبادروا للمنافسة مع الشركات التقنية بكل ما أوتوا من قوة، لتتحول مؤسساتهم الإعلامية إلى شركات تقنية، ليصنعوا قوالبهم، ويضعوا آلياتهم الإعلانية من تلقاء أنفسهم!

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة