الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في الغربة مهمومًا بسبب رفض أهلي تزويجي..كيف أقنعهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 25 سنة، وترتيبي أصغر واحد في العائلة، مبتعث منذ سنتين والباقي أربع سنوات، أعيش وحيدًا في كندا، وأهلي يرفضون تزويجي مطلقًا بحجة الدراسة، وقد عانيت كثيرًا وأنا أحاول الهروب من الفتن، وأحافظ على ديني، لكن الوضع صعب، ولا أستطيع الانتظار، بقي لي 4 سنوات من الغربة حتى إتمام الدراسة، بالرغم من أنني محافظ على صلاتي، وأخشى الله كثيرًا، إلا أن الفتن تحيط بي من كل جانب.

أرى أصدقائي للأسف يخرجون مع الفتيات ويشربون، وإذا نصحتهم يقولون: هي فترة ثم تمر، لكني لا أرضى على نفسي بذلك، ولا ديني وخلقي يسمح لي بتجاوز ذلك.

حاولت مرارًا وتكرارًا مع أهلي وأخي الكبير، والدتي، وأخواتي، وخالي الكبير الذي دائمًا يقف بجانبي، إلا أنهم هذا المرة جميعهم اتفقوا على نفس الرأي؛ بحجة صغر سني، والزواج مسؤولية سوف تشغلني عن دراستي، ويضربون لي الأمثال، وأن هناك فلانًا وفلانًا من أقربائك درسوا في الخارج مثلك دون أن يتزوجوا، رغم أني كنت من قبل موظفاً، والآن أكمل دراستي، وأملك القدرة الكاملة في تحمل جميع المصاريف والمستلزمات على صعيد الزواج والسكن -الحمد لله-.

وضعي الآن أكثر استقرارًا من قبل، أملك المسكن، والسيارة، والدخل المادي الشهري، لا أريد منهم إلا الموافقة، وإتمام عرسي بحضورهم، وخطبتهم للفتاة كما جرت العادة، هذا كل ما أحتاجه، عدا ذلك لدي القدرة -ولله الحمد- بتوفيره.

أكملت سنتين على أمل أن يتصلوا بي مرة، ويخبروني بإيجاد فتاة ملائمة لي، ولكن هذا لم يحصل، بل أجدهم يخطبون لأخي دون مراعاة لمشاعري وقمة احتياجي وتحصين نفسي في وسط المغريات والفتن.

لهذا لجأت لموقع زواج، ووجدت فتاة مناسبة لي، وأحسبها -والله حسيبها- من خيرة النساء، أخلاقها عالية، من عائلة محترمة، ويشهد لها بالصلاح، وحديثي معها عقلاني، فقط مراسلة من داخل الموقع، بل لم تتعد الرسالتين فقط دون استرسال في العواطف مطلقًا، وشرحت لها وضعي وقامت بالدعاء لي، وتوصيني بالصبر، وتحثني على رضا الأهل حتى يفرج الله همي.

والله لا أريد إلا تحصين نفسي لوجه الله، فماذا أفعل؟ كيف لي أن أكرر المحاولات مع أهلي، كيف لي أن أقنعهم؟ ففي كل مرة أفشل وأصاب بخيبة أمل، وكيف بعد ذلك أقدم الفتاة لأهلي؟ رغم اتفاقي مع الفتاة مسبقًا، أنه إذا تم النصيب سأقدمها على أنها أخت صديقي.

أرجوكم ساعدوني، وادعو لي بالثبات وانفراج الهم، جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل- طالب العفاف، ونبشرك بأن الله في عون من يطلب النكاح يريد العفاف، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ولك منا الدعاء والاحترام، ونسأل الله أن يبعدك عن الحرام، وهنيئاً لنا ولك بالتمسك بالدين والالتزام، وقد أحسنت بنصحك لمن هبطوا إلى العشق المحرم والغرام، ونسأل الله أن ينفع بك، وأن يصبرك، وأسأل الله أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين، وأن يجعلكم خير سفراء لهذا الدين، وأن يحقق لك الأماني والمرام.

نتمنى أن تكرر المحاولات، وأن تطلب مساعدة العلماء، وأصحاب الوجاهات، وأن تكرر التوجه لرب الأرض والسماوات، ومن حقك أن تلح حفاظًا على نفسك وإبعادًا لها عن هوة الشهوات.

ونتمنى أن يقف الخال معك، ونتمنى أن يتفهموا الأوضاع، وأن الشهوات تطارد الإنسان، وأن الشقيات يطرقن الأبواب، ولا عاصم إلا من رحم ربُ الأرض والسماوات.

أما بالنسبة لموضوع الفتاة المذكورة؛ فنتمنى تجميد العلاقة تمامًا حتى تتضح أمامك الرؤية، والواضح من كلامها أنها عاقلة وفاضلة، لكن الاستمرار في التواصل سوف يجلب لك ولها الأتعاب، ولا مانع من التمهيد لخالك وأخذ رأيه في الموضوع.

وكم تمنينا أن يعي الأهل خطورة إرسال الشباب إلى بلاد الكفر والشبهات والشهوات دون أن تصحبهم زوجات، ورحم الله الشيخ العثيمين الذي كان يشترط ضمن شروط السفر لتلك البلاد اصطحاب زوجة تعفه ويعفها، وأنا أعرف مجموعة من الناجحين في حياتهم جدًا، وهم الآن يشكرون أهلهم الذين زوجوهم قبل أن يرسلوهم للدراسة، فكانت الذرية والاستقرار، والنجاح، بخلاف آخرين لم يعودوا إلى ديارهم، بل وجد فيهم من ترك دينه، ووجد فيهم من رجع لينقل الفساد والأمراض هدايا يحملها لأهله وبلاده.

نكرر لك الشكر على هذه الروح، وعلى حرصك على الطهر والحلال، ونسأل الله أن يسخرهم لك، وأن يرزقك بصالحة تسعدك وتفرحها، وأن يلهمك السداد والرشاد.

وصيتنا لك بلزوم التقوى والمراقبة لله، ونبشرك بأن من ترك الحرام لله عوضه الله خيرًا، وأورثه إيماناً ولذة لا تدانيها لذة.

نسعد بدوام تواصلك، ونسأل الله أن يوفقك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً