الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أحس بأي وجع في جسدي أوسوس وأقلق

السؤال

السلام عليكم

أشعر بضعف في الأعصاب والعضلات، وزني 59 كجم، وطولي 172 سم تقريبا، وعمري 22 سنة، وأصبت في بداية العام باكتئاب ووسواس الموت، ولكن الحمد لله وبفضله تعافيت منه، ولكن بعدها حدث معي موقف أتعبني نفسيا، وأصبت بالوسواس المرضي، للأسف عندما أحس بأي وجع في جسدي -ولو بسيط- أخاف أن يكون شيئا سيئا -لا قدر الله- وزاد التوتر والقلق والخوف من أقل الأشياء، ودخلت في متاهة الأمراض بسبب كثرة البحث على النت.

أرجو أن تصفوا لي الدواء المناسب لحالتي، علما بأني كشفت نفسيا، ووصف لي الطبيب فافرين 100واولابكس 5 مجم، لكن لم أتناولهما بسبب كثرة الآثار الجانبية للفافرين، فأريد دواء بآثار قليلة، وهل الفافرين أفضل؟!

أصبحت أخاف كثيرا، وأتوتر، ومنذ بداية رمضان وأنا أنام أكثر من 9 ساعات، وعندما أستيقظ لا أقدر، وأريد أنام أكثر وأشعر بخمول، علما بأني منذ بداية الغمة (كورونا) لم أتعرض للشمس إلا قليلا جدا، وعندي أيضا طنين في الأذنين منذ ثلاث سنوات، ولم أعره انتباهي، وتأقلمت معه، وأنا بطبيعتي كثير التفكير، والتأنيب، فأرجو المساعدة.

أرجو الرد من الدكتور محمد عبد العليم، ولكم جزيل الشكر
وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: أنت تقول أنك من بداية العام تُعاني من اكتئاب ووسواس الموت، وأتمنى أن تكون حالة عارضة وليست أمرًا مُطبقًا أو مرضًا نفسيًّا شديدًا، ويظهر أنها -إن شاء الله- حالة عارضة بحول الله.

الوساوس تُحقّر دائمًا أيًّا كانت، والموت يجب أن يخاف منه الإنسان خوفًا شرعيًّا، وليس خوفًا مرضيًّا أو وسواسيًّا؛ لأن الموت مكتوب على كل حيٍّ (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، {كل نفس ذائقة الموت}، {كلٌ شيء هالك إلا وجهه}. الموت حق، ولا شك في ذلك، والآجال بيد الله تعالى، والإنسان يعمل لما بعد الموت. هذا هو الخوف الشرعي من الموت.

أمَّا الخوف الوسواسي من الموت، فهذا لا فائدة منه، ولن يوقف الموت أو يُعجّل به، قال تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون}، وقال: {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}. بل نقول الخوف من الموت خوفًا مرضيًا أو وسواسيًا يعطّل الإنسان ويجعله في إحباط ويجعله في يأس، وقد يوصل أحدهم إلى الانتحار، فحاول أن تبني هذه المفاهيم الإسلامية العميقة في كيانك ووجدانك وطريقة تفكيرك، هذا يُساعدك كثيرًا.

من ناحية الاكتئاب: مَا الذي يجعلك تكتئب – أيها الفاضل الكريم -؟ عمرك اثنان وعشرون عامًا، أنت في بدايات سِنّ الشباب، والمستقبل هو للشباب، حباك الله بطاقات كثيرة؛ يجب أن تنهض بنفسك، لا تستسلم أبدًا، كن يدًا عُليا، ونظّم وقتك، أقبل على دراستك، مَنِّي نفسك بأن تكون من المتميزين -إن شاء الله تعالى-، تصوّر نفسك بعد خمس أو ست سنوات من الآن: ما هي حصيلتك الجامعية؟ ما هو تخصُّصك؟ الزواج، العمل ... انظر للحياة بهذه الكيفية، وتنظيم الوقت مهمٌّ جدًّا للنجاح في الحياة، ولتحسين المزاج.

أمرٌ آخر مهمٌّ: أرجو أن تقوم بإجراء فحوصات طبية، وزنك حقيقة قليل نسبيًّا، وقلتَ أنك تنام لفترات طويلة، في بعض الأحيان الاكتئاب قد يؤدي إلى ذلك، لكن لابد أن نطمئنّ عليك جسديًّا: تأكد من مستوى الهيموجلوبين (الدم)، ومن مستوى السكر، ومن وظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (د)، وفيتامين (ب12)، ووظائف الكلى، والكبد، ومستوى الدهنيات... هذه كلها فحوصات بسيطة جدًّا، وأرجو أن تبني قاعدة طبيّة سليمة من خلال هذه الفحوصات.

أمرٌ آخر: الرياضة، الرياضة تقوّي النفوس، وتقوّي الأجسام، وفي حالتك أراها سوف تكون من أفضل العلاجات لتزيل عنك الطنين والشعور بالهمدان وعدم الفعالية والقلق والتوتر، والرياضة أيضًا سوف تُحسِّن شهيتك نحو الطعام وإقبالك نحو الحياة.

صلاتك يجب أن تكون في وقتها، والأذكار – أذكار الصباح والمساء – والورد القرآني، هذا كله يجب أن تحافظ عليه، برَّ والديك، والصحبة الطيبة، والتواصل الاجتماعي، والترفيه على نفسك بما هو طيب وجميل، هذا هو العلاج.

بعد ذلك يمكن أن تتناول أدوية مثل الـ (بروزاك)، البروزاك يُحسِّنُ من الدافعية، ويزيد الطاقات، وهو مضاد للوسواس وللاكتئاب، بروزاك – والذي يُسمَّى علميًا فلوكستين – ابدأ في تناوله بعشرين مليجرامًا يوميًا، تناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم اجعلها أربعين مليجرامًا – أي كبسولتين – يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول البروزاك.

وأرجو أن تُدعم البروزاك بعقار آخر بسيط وسليم يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل)، واسمه العلمي (سلبرايد)، أنت تحتاج له بجرعة بسيطة، وهي: كبسولة واحدة (خمسون مليجرامًا) في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً