الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا أفعل كي أرضي زوجي وأحافظ على بيتي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ 4 سنوات، زوجي محترم وأحسبه على خير ولا أزكي على الله أحداً، هو يكبرني ب 7 سنوات، ومتقدم علي في معظم الأشياء، ويساعدني كثيرًا ومتفهم جدًا، وتعلمت منه الكثير من الأشياء الجيدة خلال فترة زواجنا، ودائمًا يحاول دفعي لأن أكون الأفضل.

أنا أحبه، ودائمًا أشكر الله على نعمة الزوج الصالح، وأيضًا أشكره وأعبر له عن ذلك، وأحاول إرضاءه، ولكن أشعر أنه هو على العكس تمامًا يرى فيّ معظم الأحيان أنني مقصرة معه، وأرى ذلك في ثنايا كلامه في معظم الوقت، وأحيانًا يكون كلامه صريحًا؛ حيث يتهمني فيه بالتقصير، في البداية كنت أعتذر وأبرر له ذلك بأنني أحاول وهذا ما يأتي معي، وأني لا أقصد التقصير، ولكنه الآن عندما يشتكي من تقصيري لا أجد ما أفعله إذا قلت له أحاول يقول: صار لك 4 سنوات وأنت تحاولين، وإذا قلت آسفة أنا لا أقصد يقول: وهذه هي المشكلة أنك لا تقصدين! فأنت لا تفكرين بما تفعلين.

أكثر شيء يؤلمني الآن أنه يستدل بأكثر من موقف أنه كان يحتاج إلى دعمي في هذا الوقت، وأنه كان في محنة أو موقف صعب وكذا .. ولكني خذلته فأحزن أكثر؛ لأن هذا عكس ما أتمنى، ولكن لكل موقف كان له أسبابه، لماذا كانت ردة فعلي هكذا؟!

الآن لا أعلم كيف أتصرف؟ أشعر بالحزن الشديد؛ لأنني لا أرضيه وفي نفس الوقت أرى أنني زوجًة جيدة ولا أستحق هذا الاتهام بالتقصير الدائم، فكرت في الطلاق ليرتاح هو، ولكن أنا لن أرتاح بعد الطلاق، قد تكون معاناتي أكبر بعدها، وطبعًا فكرت في أن أفعل كل ما بوسعي لإرضائه ولكن أنا أحاول في هذا الخيار منذ أن تزوجنا، ولكني أفشل وفقًا لتكرار الشكوى وتجددها باستمرار، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – بنتنا الفاضلة – في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال المرتّب الرائع، ونحيي ثناءك على زوجك، ونسأل الله أن يُعينك على فعل الخير، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

تعوّذي – يا بنتي الفاضلة – من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط والكسل نقصٌ في التنفيذ، واسألي الله توفيقه والسداد، واعلمي أن للدعاء أثراً عظيماً جدًّا، فقلبُ زوجك و(قلوب الناس بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها ويُصرِّفها)، فاجعلي من طاعتك لله وإقبالك عليه مفتاحًا للقبول عند زوجك، فإن الإنسان إذا أطاع الله -تبارك وتعالى- أَمَر جبريل أن يُنادي في السماء: (إن الله يحب فلانًا فأحبوه) فيُحبُّه أهل السماء، ثم يُلقى له القبول في الأرض، واقرئي إن شئت: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] يعني: محبّة في قلوب الخلق، فاحرصي على طاعة الله -تبارك وتعالى-، وأبشري بالخير.

واعلمي أن كلام الزوج لا يريد منه أن تُحبطي، ونحن سعداء؛ لأنك تشعرين أنك جيدة، وأنك تقومين بما عليك، ولكن نوصيك بالأمور التالية:

الأمر الأول: المرأة الذكيّة مثلك تتعلّم من تصرفات زوجها، من فهم شخصيته، الأشياء التي تُسعده، والأشياء التي تُغضبه، كما قالت زوجة شُريح القاضي: (حَدِّثْنِي بِمَا ‌تُحِبُّ ‌فَآتِيَهُ، وَمَا تَكْرَهُ فَأَنْزَجِرَ عَنْهُ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) فقال لها: (أُحِبُّ كَذَا، وَأَكْرَهُ كَذَا).

الأمر الثاني: أرجو أن تعلمي أن كلام الزوج لا يدلُّ على أنه غير راضٍ، ولكن ربما يدلُّ على أنه يريد ما هو أكثر وأعلى، فاجتهدي في الصعود بنفسك، ولا تحاولي الردّ، واكتفي أحيانًا بكلمة (أحبك) أو بابتسامة تدلُّ على ذلك، أو تقولي (سامحني فأنت قلبك كبير).

وعلى زوجك أن يعلم أن الأنثى ضعيفة، وأن فيها النقص، وأنها تعتريها أحوالٌ ينبغي أن يعرفها، وحبذا لو نجحت في أن تجعلي زوجك يتواصل مع الموقع، ويعرض ما عنده، حتى نُبيّن له أهمية الدعم المعنوي، وكيف أن الإنسان ينبغي أن يقبل النقص والقصور، والنبي ﷺ يُعطي الأزواج معيارًا ينبغي التمسُّك به: (لَا ‌يَفْرَكْ ‌مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أو غيرَهُ)، ولا شك أن زوجك يرضى منك الكثير، والدليل هو التعامل الجيد، وهذا الرضا والثناء منك عليه.

فاحمدي الله -تبارك وتعالى- على ما عندك، واجتهدي في تطوير مهاراتك، والحمد لله الآن تطوير المهارات متاح، أولاً كوني صديقًة لموقعك، وادخلي دائمًا واقرئي المهارات التي تحتاجها الأنثى لكي تصل إلى قلب زوجها، ومن أهمها: الحرص على فعل الأشياء التي تُرضيه، والتقرُّب إليه بالكلام الطيب الجميل، والحرص على فعل الأشياء في وقتها الصحيح، والذكيّة مثلك تعلم هموم زوجها، وتعلم الأيام التي يكون فيها إشكالات، وعندها ينبغي أن تلتزم الهدوء، وتكون داعمًة له، وإذا خلا الرجل بنفسه فهذا يعني أن عنده نوعاً من الإشكالات، عندها ينبغي أن تكون الزوجة ظريفة، وتعرف الأشياء التي يُحبُّها الزوج، إذا بذلتها نالت رضا زوجها، وهي تفعل ذلك تنال رضا الله -تبارك وتعالى-؛ لأن طاعة الزوج ممَّا أمر به الله -تبارك وتعالى-.

نسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا، ونعتقد أن فكرة السؤال بدايًة صحيحًة للتصحيح والسير للأمام، فاحرصي دائمًا على فعل ما يُرضي الزوج، وتجنبي المواقف والتصرفات التي ينزعج منها، وهذا طريقٌ ومفتاحٌ إلى حُسن التعامل مع الزوج أو مع الناس، أن يتفادى الإنسان ما يُغضب هذا الإنسان ويفعل ما يُرضيه.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً