الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صحتي تدهورت بعد أن أصبت فجأة بخفقان القلب!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل تسع سنوات بالضبط، في سنة 2014، كنت جالسًا وصامتًا، وأشعر بالتوتر وبعصبية داخلية، وفجأة أصبت بخفقان شديد في القلب، وضيق في التنفس، وخرجت من المنزل مسرعًا خائفًا أن أموت.

أجريت جميع الفحوصات الطبية للقلب، من تخطيط، وقياس ضربات القلب 24 ساعة، وتحاليل للدم، وتحليل للغدة الدرقية، والكلى، والكبد، والسكر، والحديد، والضغط، وكان كل شيء سليمًا، لكن صحتي بعدها بدأت تتدهور تدريجيًا، بدأت أشعر بالتعب الشديد عند بذل أدنى مجهود بسبب الخفقان والإرهاق في بعض الأحيان.

وأشكو من رائحة كريهة تخرج من فمي تشبه الحموضة، وأشعر بألم في بطني، ومن إمساك مزمن منذ ثلاثة أشهر، وأريد منكم نصيحة لوجه الله؛ لأني تعبت كثيرًا، وأرهقت نفسي، وشخصيتي تغيرت بسبب هذه الأعراض، فهل القولون العصبي هو السبب؟ لأن الأعراض اشتدت عليّ مؤخرًا، مع ألم في الصدر والأضلاع، وتغير لون البراز، فهل أصبت بالقولون عندما كنت متوترًا، وعند شعوري بخفقان القلب وضيق التنفس؟ علمًا أني لم أكن خائفًا.

أسأل الله أن يشفي جميع مرضى المسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في هذا الموقع.

أيها الفاضل الكريم: النوبة التي حدثت لك قبل 9 سنوات، أي عام 2014، في الغالب هي نوبة قلق حاد جدًا، يسمى بنوبات الهلع أو الفزع، وهو بالفعل مخيف يؤدي إلى تسارع شديد في ضربات القلب، وضيق في التنفس، ويحس الإنسان بخوف شديد للدرجة التي تجعله بالفعل خائفاً من أن يموت في تلك اللحظة.

فهذه كانت نوبة هلع، أو نوبة فزع، وأنت قمت بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، و-الحمد لله تعالى- تأكدت من سلامتك الجسدية، وهذا شيء طيب جدًا، الآن أنت ذكرت أنه منذ تلك النوبة بدأت صحتك في التدهور، وبدأ خفقان القلب يشتد، وحتى إن بذلت أقل مجهود، كالمشي مثلًا، وطبعًا يشعرك بالإرهاق.

لديك طبعًا أعراض القولون العصبي، تفضلت وذكرت هذا بوضوح شديد، وحتى رائحة الفم الكريهة هي ناتجة من حوامض المعدة، وكذلك القولون العصابي، لكن عليك أيضًا أن تتأكد من صحة الفم، خاصة صحة اللثة، وعليك بالسواك في هذا السياق.

أيها الفاضل الكريم: كل المتغيرات التي ذكرتها مرتبطة بحالة الهلع الذي حدثت لك، ونوبة الهلع بعد أن توقفت نتج عنها ما يمكن أن نسميه: قلق المخاوف، وقلق المخاوف طبعًا فيه كثير من التوتر النفسي، وهذا التوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات جسد الإنسان تأثرًا هي عضلات القولون وعضلات الصدر؛ لذا تجد من يشتكي من اضطرابات كثيرة في أداء الجهاز الهضمي، وآلام الصدر، وحقيقة كل الذي ذكرته هو ناتج من هذه الحالة النفسوجسدية.

الذي أريده منك أن تجري فحوصات طبية عامة؛ هذا لمجرد التأكد من سلامتك الجسدية، أنا أثق تمامًا أن الحالة نفسية، لكن دائمًا الجسد والنفس لا ينفصلان، فيمكنك أن تجري فحوصات عامة، تتأكد مرة أخرى من قوة الدم، ومستوى السكر لديك، وظائف الكبد، الكلى، وظائف الغدة الدرقية، وكذلك مستوى فيتامين (ب12)، وفيتامين (د)، وهذه الفحوصات من المفترض أن يجريها الإنسان مرة واحدة كل ستة أشهر مثلًا، هو نوع من الرعاية الصحية الجيدة.

بالنسبة لحالة قلق المخاوف، وما يتبعها من قولون عصبي، وأعراض نفسوجسدية أخرى؛ أريدك أن تكثف من ممارسة الرياضة، أنت ذكرت أنك تحس بضيق في النفس عند بذل الجهد، لكن إذا تدرجت في المشي حتى تصل لمرحلة المشي الرياضي -كما نسميه-، فسوف تجد أنك ابتدأت تستعيد صحتك، وأن الإرهاق ابتدأ يتلاشى، إذًا الرياضة مهمة جدًا.

وأمر آخر هو أن تنظم وقتك بصورة إيجابية، وأن تبحث عن عمل، فالعمل ضروري جدًا، وكذلك تجنب السهر من الأشياء المكملة للصحة، ولا تكثر من شرب الشاي والقهوة؛ لأن الكافيين الموجود في القهوة والشاي يزيد من خفقان القلب لدى بعض الناس.

أيها الفاضل الكريم: بعد أن تتأكد من أن كل الفحوصات سليمة يمكنك أن تتناول الأدوية، وهي أدوية فاعلة وممتازة جدًا لعلاج قلق المخاوف وأعراض القولون العصبي، وكل الأعراض التي اشتكيت منها، وهي ذات طابع نفسي، الأول يعرف باسم الاستالبرام، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري السيبرالكس، يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة، أي 5 ملغ يوميًا من الحبة التي تحتوي على 10 ملغ، تناولها لمدة 10 أيام، ثم اجعل الجرعة 10 ملغ يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه جرعة صغيرة؛ لأن الجرعة الكلية هي 20 ملغ في اليوم، لكنك لست بحاجة لهذه الجرعة، وبعد إكمال الثلاثة أشهر وأنت على جرعة 10 ملغ يوميًا، خفض الجرعة إلى 5 ملغ يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها 5 ملغ يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول السيبرالكس.

أما الدواء الآخر يعرف باسم السلبرايد، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا الدوجماتيل، وله مسميات تجارية أخرى حسب الشركة والبلد الذي أنتج فيه، تتناول السلبرايد بجرعة 50 ملغ صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم 50 ملغ صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، وهو لا يحتاج إلى أي نوع من التدرج في إيقافه، أو حتى بدايته، كلا الدواءين من الأدوية السليمة والفاعلة وغير الإدمانية، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

خفقان القلب إذا أزعجك ولم يتحسن بعد وصفنا للدواءين المذكورين، ولممارستك الرياضة، يمكن أن تتناول دواء اسمه الإندرال، واسمه العلمي البروبرننول تناوله بجرعة 10 ملغ صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم 10 ملغ صباحًا لمدة شهر، ثم يمكن تناوله عند اللزوم، هو دواء ممتاز جدًا يعمل على خفض ضربات القلب بصورة فسيولوجية، ولا يؤثر على القلب سلبًا أبدًا، وهو يعمل من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً