الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت من الوسواس ولم أعد أستطيع الصلاة بسببه، أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

تعبت من الوسواس ولم أعد أستطيع الصلاة بسببه، لأني آخذ وقتًا طويلاً في أدائها، حتى أصبحت لا يمكنني إنهاؤها، وباتت تستهلك وقتي بشكل كبير، فلم أعد أستطيع العبادة، وأشعر بهمّ كبير جدًا، واكتئاب طوال الوقت. لم أترك الصلاة ولا زلت محافظًا عليها، لكني تعبت جدًا ولا أقدر، وأريد حلاً، فبدأت أفكر في الموت والارتياح من كل هذه المتاعب، فكيف أعيش بدون عبادة ربي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الفاضل- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر.

إننا نحمد الله تعالى الذي أعانك على المحافظة على الصلاة، مع كل ما تعانيه من آلام، لكننا نطمئنك -أخي الكريم- فإن ما تعاني منه يعاني منه آلاف الشباب، لكنهم متى ما علموا طريقة التعامل مع الوسواس -التي سنوضحها لك- تغير حالهم واستقرت أوضاعهم، ونحن على يقين من تجاوزك سريعًا -بأمر الله- هذه الحالة.

أخي: ما أنت فيه يسمى الوسواس القهري، وهو من النوع الاستحواذي، يستحوذ على تفكيرك ويتسلط عليك، وكلما أردت تجاوزه يأتيك بوجه وبلون وبكلام آخر، وهذا بالطبع يزيد من قلقك واضطرابك، ولذا عليك أن تؤمن لا أن تعلم فقط، أن تؤمن ببعض المبادئ العامة:

أولاً: الوساوس لا تدل على ضعفك، أو ضعف شخصيتك، أو قلة تدينك، بل على العكس من ذلك، الوسواس دليل إيمانك ودليل صدق محبتك لله عز وجل، فقد روى أبو هريرة أنّ جماعة مِن أصحاب النبي (ﷺ) جاؤوا إليه وقالوا: إنا نجد في أنفسنا الشيء القبيح مما يتعاظم أن ننطق به، فقال (ﷺ): (وقد وجدتموه؟) قالوا: نعم. قال: (ذاك صريح الإيمان)، أو قال: (ذَاكَ ‌مَحْضُ ‌الْإِيمَانِ).

يعني: إذا نفى الإنسان الوسوسة عن نفسه؛ فنفيه ‌محض ‌الإيمان وليس الوسوسة ‌محض ‌الإيمان، ولكن نفيها. وأما الوسواس إذا وقع في القلب فلم ينفه فهو الهلاك، ويعني أيضًا لولا هذا الإيمان الذي في صدروكم ما وجدتم هذا الألم، فصريح الإيمان هذا يمنعكم مِن قبول ما يُلقِيه الشَّيطان في أنفسكم والتّصديق به، حتى صارت مجرد وسوسة لا تتمكَّن مِن قلوبكم وصارت قلوبكم لا تطمئنّ لها، لذلك (الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة)،

ثانيًا: الطريقة الصحيحة في التعامل مع الوساوس: التجاهل مع التحقير، بل والقيام بما هو مخالف لها، فإن الرد على الوسواس أو مغالبته هو الفخ الذي يقع فيه بعض الشباب، لا تجعل له أدنى أهمية، ولا تشغل بالك به، بل انشغل بأشياء أخرى إيجابية تستهلك فكرك وبدنك.

وعليه: فلا بد أن تعلم أن الوسواس ضعيف، لكنه يقوى عند الاسترسال معه، وعدم تجاهله والخوف المحيط بالتفكير فيه، ولذلك دائمًا ما ننصح بتجاهله، واحتقاره وازدرائه وعدم الاهتمام به.

ثالثًا: القاعدة الفقهية والنفسية تقول: "لا نخرج من اليقين إلا بيقين"، فإذا كبرت في الصلاة مرة واحدة، فقد انتهى الأمر، ولا إعادة ولا تفكير في الإعادة حتى، وإذا توضأت فلا إعادة، وإذا شككت فلا إعادة، متى ما استقرت عندك هذه المعلومة؛ هان عليك التعامل كثيرا مع الوسواس.

فالتكبير مثلاً يتحقق بكلمة واحدة دون مد، ولا استرسال (الله أكبر)، بهذا ينتهي الأمر، ولا عبرة بأي حديث بعدها، فإن أتاك الشيطان بعد التكبير، وأخبرك أن فيها نقصًا فلا تعد إليه، وصلاتك صحيحة.

وأخيرًا: استمر على التجاهل، وابتعد عن الفراغ، وأشغل نفسك بالعمل الإيجابي، ولا تعد من اليقين إلى الشك، وإن بلغ الشك مبلغًا كبيرًا، فما دام هو شك فلا تعد إليه.

استمر على ذلك فترة مع الصبر، وستجد الخير إن شاء الله تعالى، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً