الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنقل ابنتي لحضانة أخرى بسبب ما حدث أم أعلمها بالمنزل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرًا على جهودكم ونفع الله بكم.

ابنتي تبلغ من العمر 5 سنوات، طفلتي حدثت والدتها وأخبرتها بعد تردد بأن زميلاتها في رياض الأطفال -الحضانة- يكشفن ملابسهن الداخلية أمام بعض.

سألتها أمها ماذا تفعل حينما يحدث ذلك؟ فقالت: أغمض عيني، أبلغت الأم المعلمة بالحضانة، فاندهشت المعلمة ووضحت اهتمامها ومراقبتها لسلوك الأطفال، وبعد ذهاب الفتاة مرة أخرى إلى الحضانة اتصلت المعلمة بزوجتي وطلبت حضورها، ثم أخبرتها أن ابنتي هي التي بدأت بهذا الفعل!

المعلمة ألحت على ابنتي لتخبرها من الذي بدأ بذلك؟ فامتنعت عن الإجابة حتى قالت ابنتي إنها المبتدئة بالفعل، زوجتي أخبرتهم أننا -بفضل الله- لا نشاهد المسلسلات والأفلام المنتشرة إلا المنضبط شرعًا، كقناة المجد للأطفال، حتى حفلة الحضانة الأسبوعية نمنع ابنتنا منها لوجود الموسيقى، وأن هذا الفعل تعلمته ابنتنا من الحضانة، وأن أسلوب المعلمة للضغط على البنت بالاعتراف كان خطأً.

أبلغت مسؤول الحضانة برغبتي في إخراج ابنتي من حضانتهم، وذكرت له ما حدث، وتقصير المعلمة وتحميل ابنتي الذنب.

أفيدوني: هل أبقي ابنتي للتعلم في المنزل حتى تنسى ما حدث إلى أن تدخل المدرسة، أم أنقلها إلى حضانة أخرى؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمضان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يهدينا وأبناءنا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنَّا جميعًا سيئ الأخلاق والأعمال، لا يصرف عنَّا سيئها إلَّا هو.

أرجو أن يعلم الجميع بداية أن مثل هذه السلوكيات من الأمور المتوقعة في المرحلة العمرية المذكورة، وهي لا تعني ما يعنيه الكبار، ولا يقصد الصغار ما يعلق بأذهاننا نحن معاشر الكبار، ولكنّه يظلُّ سلوكًا يحتاج إلى تنبيه وتربية، وبالتالي فعلاً الطريقة التي حصل بها التحقيق والتدقيق يُرسّخ مثل هذه الأفعال في أذهان هؤلاء الصغار.

فما أحوجنا نحن كآباء وأمهات وقبل ذلك كمُعلّمين ومعلِّمات، أو كمعلِّمات في الحضانة أن نتعلَّم فنون التربية، وأن مثل هذه الأمور تُعالج بالتغافل، وبالتوجيه اللطيف، وبالتنبيه، وبالحث على القيم الإيجابية.

هناك خطوات لابد أن تتخذها الأم، فلو فرضنا أن الطفل إذا أخطأ فإن في هذه المرحلة يجب فيها مراحل:
- المرحلة الأولى هي: أن نتغافل.
- المرحلة الثانية هي: أن نصرفه عن هذا العمل بأن نلفت نظره إلى أمرٍ آخر ينتبه له ويترك ما يفعل.
- المرحلة الثالثة هي: أن نبحث عن الأسباب، فقد يكون هناك أسباب مثلًا لوضع اليد في هذا المكان، يحتاج إلى نظافة، يحتاج إلى غير ذلك، وقد تكون هي: مرحلة من نوع الفضول التي يُريدُ الطفل أن يتعرّف فيها على أعضاء نفسه وعلى ما عند الآخرين.
- المرحلة الرابعة هي: التنبيه والتعليم بلطف.
- المرحلة الخامسة هي: التنبيه مع التشديد، ثم بعد ذلك فرك الأذن بلطف.

يعني: بهذه الطريقة، إذًا لا بد من مراعاة هذا التدرُّج، وعليه نحن نتمنّى أن تنتبه المعلمات في حضانات الأطفال إلى مثل هذه السلوكيات، وأن يكون عندهنَّ أيضًا القدرة على التغيير المتدرّج والتصحيح الذي لا يوسّع من حجم المسألة وحجم هذا السلوك.

وكذلك أيضًا نحب أن ننبه إلى أن من مصلحة هذه الطفلة أن تذهبوا بها إلى حضانة أخرى، أو روضة أطفال أخرى، حتى تتعلّم مع زميلاتها، فإن رياض الأطفال والحضانات هذه مراحل مهمّة في اللعب الجماعي، وفي التربية الاجتماعية، وفي التعوّد على الآخرين.

فلا تجعلوا ما حصل من خطأ المعلّمة وتدقيقها وتحقيقها سببًا لحرمان الطفلة من هذه المرحلة العمرية التي فيها توجيهات مهمّة وتوجيهات سديدة، ونتمنَّى أن تجدوا في الروضة الثانية مربيات ناضجات عاقلات، يُحسن التعامل مع أطفالنا والبنات، ونسأل الله أن يحفظنا جميعًا، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وشكرًا للأم على قُربها من بنتها واكتشافها لهذا الخلل.

ونتمنّى أيضًا ألَّا نُركّز على هذا الخطأ ولا نُعيد الحديث عنه في حضور هذه الطفلة، حتى لا نُرسّخ عندها السلوك، ونولّد عندها أيضًا لوماً لذاتها، الأمر الذي قد يترتّب عليه سكوتها عن بعض أخطاءٍ حصلت بعد ذلك، بل ينبغي أن نعاملها معاملة طبيعية، ونشجّع الجوانب الإيجابية، ونركّز عليها عندما تفعل أشياء جميلة، وليس العكس، لأن التركيز على الإيجابيات يزيدُها، والوقوف عند السلبيات يضخمها ويرسّخها.

نسأل الله أن يحفظنا جميعًا، وأن يُصلح لنا ولكم النية والذرية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً