السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل خلق الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
كنت قد راسلتكم من أجل الاستشارة وبارك الله فيكم على اهتمامكم الكبير بقضايا الشباب وجزاكم الله عنا كل خير، لكنني أردت هذه المرة أن أضيف بعض الشروحات على مسألتي حتى تكون الرؤية واضحة فاسمحوا لي بذلك.
وأرجو ألا تؤاخذوني لأني أعلم أن الرسائل تتوافد عليكم بكثرة فاسأل الله تعالى أن يعينكم، ولكن نظراً لما يختلج في صدري من مفارقات وآلام لم أجد سواكم أذنا صاغية، وإني قد رأيت فيكم أهلاً للمشورة فلعلي ألقى عندكم الجواب الكافي الشافي من باب: ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ))[آل عمران:159].
تقدم لخطبتي شاب من عائلة محترمة ومحافظة، على خلق، مظهره حسن، وهو في الحقيقة أخو صديقة لي كانت زميلتي في الجامعة لمدة خمس سنوات، ثم افترقنا بعد حصولنا على شهادة مهندس دولة، فهي تزوجت إلى مدينة أخرى، وأنا أكملت دراسات عليا، لكن بقينا على اتصال مستمر، فمنذ شهر حدثتني بشأن رغبة أخيها بالزواج مني لكثرة ما حدثته عني: عن أخلاقي وحسن مظهري، وتواضعي، رغم تفوقي الشديد في الدراسة، ولم يكن قد رآني أو رأيته من قبل، ولكوننا كنا متحابتين جداً، فهي أكثر من صديقة لي، لم تجد أحسن مني زوجة لأخيها، وأنا أشكرها على نبل مشاعرها تجاهي، ولكنني محرجة منها ومن أهلها من أن أبدي لهم رفضي، فأنا لا أشعر بأي إحساس تجاه أخيها الشاب.
مع العلم أني أفوقه بكثير من حيث المستوى العلمي، وحتى المادي (فدخلي أكبر من دخله)، وأحس أنه لا يوجد أي قاسم مشترك بيننا، وثقافته العلمية والإسلامية محدودة جداً، فهو يعمل كحرفي في الخياطة، وأنا أعمل كمهندسة مناهج في مؤسسة، وحاصلة على شهادة ماجستير وسأشرع في تحضير شهادة دكتوراه في الكيمياء بحول الله تعالى، وأشارك في العديد من الملتقيات والندوات العلمية، علاوة على ذلك فهو غير قادر على توفير مسكن خاص بنا، ولكن سنعيش في غرفة في بيت عائلته.
علماً أن لديه إخوة وأخوات شباب غير متزوجين بعد، وقد تحدث إلي مرتين أحسست فيهما باختناق شديد، وأحسست أيضاً أنه فظ خشن في المعاملة معي، ثم إنني استنتجت من خلال كلامه أنه يريد الزواج من أجل الزواج وكفى، فلو كان قد عرضت له أي فتاة غيري مهما كان مستواها لقبلها لأن غرضه من الزواج إشباع فطرته وتحصين نفسه طبعاً، وأنا أحترم وأقدر هدفه ولكن ليس على حساب أهدافي أنا.
فأنا أريد زوجاً يقاسمني نفس الطموحات والميولات، وأحس بالسكن والمودة معه، وقد دعوت الله أن يكون معيني في اتخاذ القرار الصائب خوفاً من أن أظلمه وإياي، وبداخلي نار تتأجج: فأنا باطنياً رافضة للأمر وظاهرياً لا أبدي أي رأي مسلمة الأمر إلى الله.
وأنا من كثرة احترامي لأهلينا لا أجرؤ على إبداء رفضي الشديد له، وكنت قد أديت صلاة الاستخارة، ولاحظت أنه في خلال شهر تمت اللقاءات بين الأهل وهم في صدد تحديد موعد الخطبة والزواج، وأهله فرحون جداً بعروسهم، كيف لا وهي المتخلقة، والمتدينة، والجميلة، والمسالمة فالأمور تجري بسرعة فائقة، فهل هذا تيسير من الله سبحانه وتعالى لإتمام الأمر أم...؟
وأنا المعنية بالأمر أختنق وأقف موقف العاجز أمام خيارين: إما أن أدوس على مشاعري وأحاسيسي تجاهه هروبا من العنوسة ومن باب: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ))[البقرة:216] مع خوفي الشديد من فشل العلاقة بعد الزواج من طلاق لا قدر الله أو سوء عشرة أم أن أرفضه بحجة عدم التوافق العلمي أو عدم توفير المسكن الخاص؟ -علماً أني بنت الـ 35 سنة- فأسر بذلك صديقة عزيزة عليَّ وربما أيضاً فرصة لا تعوض.
أشيروا عليَّ بارك الله فيكم، وأرجو من حضرتكم الرد في أقرب وقت ممكن.
وجزاكم الله خيراً.