تقدمت لفتاة أعجب بي والدها ولكنه رفضني لأجل لون بشرة والدي، فماذا أفعل؟

2015-06-29 02:44:50 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا شاب قبيلي، لكن أبي أسمر البشرة، وأمي بيضاء، وأنا بعمر 24 سنة، تخرجت في الجامعة بعمر 23, وأثناء دراستي تعرفت على فتاة وأحببتها، وأحبتني، وتعلقنا ببعض فوق الخيال.

والله نيتي كانت كل خير، وأن تكون حلالي على سنة الله ورسوله، جلست معي سنتين ونصف أو أكثر، والمشكلة في تقدمي لها أو تأخري طول هذه المدة، كيف أتقدم لها وأنا طالب غير موظف؟ فوعدتها أول ما أتخرج وأتوظف إن شاء الله أخطبها، وفعلاً لما تخرجت من الجامعة جلست فترة أبحث عن عمل -نحو 7 شهور-، وأول ما وجدت وظيفة -علماً أن الوظيفة ليست بتخصصي، وشهاداتي أكبر من الوظيفة- براتب جيد، قبلت الوظيفة لأجل أن أتقدم لها، ولا يخطبها آخر.

أولاً وأخيراً -الحمد لله- أني حصلت وظيفة أفضل من غيري ممن لم يحصلوا على عمل، وبعدها بشهر فاتحت الوالدة بالموضوع لأجل أن تخطبها لي، وتقبلت الأمر ووافقت ومن أول راتب اشتريت الشبكة وطقم الرؤية.

بعدها بأيام الوالدة اتصلت بوالدة الفتاة وخطبتها لي ثم والدتي أرسلت صوري لهم، وأمها وأبوها أعجبوا بي كشكل، وسألوا البنت هل أنت موافقة؟ فقالت: نعم، وأبوها قال: الأمر أمرك إذا ترفضين أو تقبلين، فردت مرة ثانية نعم موافقة، وبعدها والدها سأل عني في الدوام، وأول شيء قاله الناس عني: ما عمره ترك صلاة الجماعة، وأخلاقه عالية جداً، ويقدر الكبير والصغير، وأعجب بي وتم القبول المبدئي، وبعد يوم والدة الفتاة كلمت والدتي على أساس أن نحدد يوماً ونزورهم في البيت، ونرى البنت.

في نفس اليوم جاء خبر لوالد الفتاة أن أبي من ذوي البشرة السمراء فرفضني وألغوا الزيارة!

الآن نسي أني أصلي وأقوم بفرائض ربي لأجل لون بشرة والدي، ما هو ذنبي؟ هذا قدري والحمد لله على ما خلقني الله عليه، لكن ما في أحد يقدر يغير قدره، أو يختار منه أباه أو أمه أو جماعته.

أنا جدا تعبت نفسياً، ليلا ونهارا ضحى ووترا أصلي وأدعو الله، ولا أعرف ماذا أعمل؟! سأصبر حتى يجيء الفرج من الله.

صرت مخنوقاً ومتضايقاً نفسياً، طول وقتي أفكر في الموضوع، لماذا أنا غير عن الناس؟ ما الذي ينقصني حتى أرفض؟ ما هو ذنبي؟

كل يوم أقول سأنسى وهذا نصيبي، وأرجع أتذكر الموقف وأتضايق وأبكي مثل الأطفال، وفي قلبي أحس أني مظلوم ومقهور، وكل شيء ضدي، وأنا ليس لي ذنب، وليس بي عيب خلقي أو لون أسمر غامق، فلوني ما بين البياض والسمار، يعني مقبول جداً.

في نفس اليوم الذي جاءنا فيه الرفض اتصلت على أبيها وهو لا يرد علي، فكلمته برسالة خطية (واتس اب) أيضا لا يرد علي!

علماً أنه قرأ كلامي، الآن الموضوع له أكثر من 3 شهور، ولا أقدر أن أنساها، وأريدها تكون زوجة لي على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أود أن أكلم أباها مرة ثانية لأتقدم لخطبتها مرة ثانية، وأحس أنه لا يرد علي ويتجاهلني، أو يسمعني كلمة تسم بدني.

ما زالت العنصرية والعادات في بلادنا يضعونها فوق الدين، فما رأيكم؟ أشيروا علي ماذا أعمل؟

رجعت وكلمتها وأبوها شعر أنها كانت تعرفني فضربها، وقال لها: لو أتأكد من الذي أشك فيه سيكون موتك بيدي، وأنا أود أن أرجع وأكلم أباها، وأطلبها ثانية وبنفس الوقت لا أحب أن أباها يشك ويضربها، وأتحمل ذنب ضربها.

احترت، فماذا أعمل لأجل أن تكون حلالي؟

وشكراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Saleh حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك لك، وأن ييسِّر أمرك، وأن يقضي حاجتك، وأن يمُنَّ عليك بزوجةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: فإني بدايةً أُحيِّي فيك هذا التميّز في الخلق والطاعة والعبادة، وكذلك هذه الهمَّة العالية في إنهاء مراحلك الدراسية وقبولك لوظيفةٍ أقلَّ من مستواك، ولكن ذلك لحرصك على أن تتقدَّم لهذه الفتاة التي رأيت فيها أنها صالحة لكي تكون زوجةً لك وأُمًّا لأبنائك.

هذه كلها إنجازات رائعة تحسب لك في ميزان حسناتك، وأيضًا تُحسب شخصيتك الرائعة التي أتمنى ألا تظلمها، وألا تجحد حقَّها عليك، لأنك تحمل نفسًا زكيَّة طيبة.

أما فيما يتعلق برفض هذه الأسرة لك، فكما ذكرت أنت: نحن مع الأسف الشديد لدينا فئات ما زالت تُقدِّر وتُقدِّمُ العادات والأعراف والتقاليد على شرع الله رب العالمين، ونسو أو تناسوا قول النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).

أنت رجل بهذه المعايير التي وردتْ في رسالتك لا تُرَدُّ أبدًا، ولكنها الجاهلية التي ما زلنا نعيش فيها بصورة أو بأخرى، لأن هذه المسائل من مسائل الجاهلية الأولى، وأنت – كما ذكرتَ – لا تستطيع لا أنت ولا أنا ولا الجميع أن يُغيِّروا أقدار الله تعالى، فلا يوجد هناك أحد يتخيَّر أباه أو أُمَّه، أو يتخيَّر لونه، أو يتخيَّر أصله، هذه أمور سبقتنا وهي أقدار الله تبارك وتعالى.

أُحِبّ أن أقول لك -أخي الكريم الفاضل-: إنَّ هذا هو قدر الله تعالى، وثق وتأكد أن هذه الفتاة لو أنها من نصيبك لا يمكن أن تُحرم منها بحالٍ من الأحوال مهما طال الزمن، إلا أننا لا ندري فقد يكون الأمر في ظاهره حسناً، ولكن في باطنه ليس كذلك، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} فأنت لا تدري، وأنت فعلتَ الذي عليك، وقدّمتَ نفسك بصورة طبيعية جدًّا، وبصورة رائعة، ولكن هؤلاء الناس رفضوك رغم ما فيك من تميُّز.

أنت صاحب كرامة، ولعلَّها ليست لك، لعلَّ الله لم يُقدِّرُها أن تكون زوجةً لك، وأنا واثق أن الله سيعوضك خيرًا منها، فحافظ على كرامتك، وحافظ على نفسك، وإذا أردت طرق الباب مرَّة أخرى فأنا أنصحك بالتوجُّه إلى الله بالدعاء، ولا تذهب إلى أبيها، ولو على الأٌقل لفترة من الزمن، حاول أن تجتهد في الدعاء والإلحاح على الله تعالى، لأنك تعلم أنه لا يَرُدُّ القضاء إلا الدعاء، وتعلم أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبها كيف يشاء، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن الله يُغيِّر قلب والدها ويقبلك زوجًا لابنته حتى تستمتع بهذه النعمة التي نسأل الله أن تكون مُعينة لك على طاعته ورضاه.

أنصح أن تتريث قليلاً، وألا تطرق الباب مرة أخرى، لأن الأمر ما زال جديدًا، والتعنُّت ما زال قائمًا، وقد يتعذر على أبيها أن يقبلك نتيجة ضيق الوقت.

أرى أن تمكث لشهرٍ أو شهرين أو ثلاثة، خلال هذه الفترة تُرِي الله من نفسك خيرًا، خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان المبارك، وأنت تعلم أن للصائم دعوة لا تُرد، فاجتهد في الدعاء والإلحاح على الله تعالى، وواصل ما أنت عليه من عبادة وطاعة، بل وأكْثِرْ من ذلك، ثم تقدَّم إليها، فإن قَبِلَك فهذا فضل الله، وإن لم يقبلك فليستْ من نصيبك، فارضَ بما قسم الله لك، وابحث عن غيرها، فأنت لا تدري أين يكون الخير.

والله – يا أخِي الحبيبُ صالحُ – قد تتصوَّر أنها أفضلُ إنسانة بالنسبة لك ولكن قد يكون السوء كله – والعياذ بالله تعالى – في ارتباطك بها، أنت لا تدري، فارضَ بما قسم الله لك، واعلم أن الله لا يقْدر لك إلا الخير، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).

أسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net