كيفية توجيه المراهقة غير الملتزمة
2009-03-15 07:12:50 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
ابنة أخي طالبة في الجامعة وتقيم معي في البيت؛ لأن أهلها يقيمون ببلد آخر.
مشكلتي بأنني لا أستطيع إقناعها بعدم لبس الملابس القصيرة وعدم الخروج مع زملائها في الجامعة وأنا أعلم علم اليقين بأنها مؤدبة وحريصة على نفسها ولكني أخاف من عقاب الله لي، لأني لست قادرة على إقناعها أيضاً بالصلاة.
لم تكن لي خبرة سابقة بتربية الأبناء من قبل، فلم يرزقني الله الذرية لذلك يبدو أنني لا أعرف كيفية التعامل مع الأبناء بالرغم من أني إنسانة متعلمة، فقد أنهيت دراستي الجامعية وعملت بالتدريس حتى ترقيت بوظيفتي إلى مديرة مدرسة لكنني أعتبر نفسي فاشلة لما ذكرت سابقا، ماذا أفعل معها وكيف أقنعها؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهدينا وإياك صراطه المستقيم، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يوفقك لمساعدة هذه الفتاة التي تمر بمرحلة المراهقة ومرحلة عدم التركيز، ونسأله تعالى أن يعينك على مساعدتها والأخذ بيدها إلى بر السلامة والنجاة، وردها إلى أهلها بلا معاصٍ أو مخالفات.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من ابنة أخيك طالبة في الجامعة وتقيم معك، ولكنها غير مقتنعة بعدم لبس الملابس القصيرة وعدم خروجها مع زملائها، وكذلك أيضاً مقصرة في الصلاة، وأنت تزعمين بأنك ليس لديك خبرة سابقة في تربية الأبناء، ولذلك تعتبرين نفسك فاشلة، وفي الواقع أن الأمر على خلاف ذلك، فأنت بمقدورك أن تفعلي الكثير والكثير؛ لأن هذا الأمر - بارك الله فيك – ليس بالأمر الهين، فأولاً:
كما تعلمين أن لبس الملابس القصيرة يؤدي إلى نوع من الإثارة، والخروج مع الشباب أنت تعلمين أن الله تبارك وتعالى فطر الرجال على الميل للنساء، وفطر النساء على الميل للرجال، وصدقيني لو لم يكن هناك من غاية أو هدف في علاقة الشباب بهذه البنت ما خرجوا معها؛ لأن الطيور على أشكالها تقع، قطعاً إن الذين يخرجون معها إنما هم مثلها مضيعون ضائعون، لا يعرفون كثيراً من القيم والمبادئ، كونك تعلمين أنها مؤدبة وحريصة على نفسها؛ هذا كلام وهم ليس حقيقة؛ لأن الأخت المؤدبة التي تعرف الشرع وتحرض على نفسها لا تخرج مع الذئب وتقول لا تفترسني أيها الذئب.
نعم هو لا يلزم - بارك الله فيك – أن تقع في الفاحشة والعياذ بالله، ولكن هذا لا يمنع أنها قد تتعلق بهؤلاء وقد تعطيهم أشياء من الأشياء التي جرت العادة بأن تكون ما بين الشاب والفتاة.
وأيضاً بهذه العلاقة تتعود عدم الوفاء؛ لأنها إن أحبت شخصاً واحداً معيناً فإنها قطعاً ستغضب الآخرين، وإنما هي الآن المسألة بالنسبة لها أنها إذا لم تكن متعلقة بشخص معين فإنها تعامل الجميع على قدر المساواة، وهنا مشكلة نفسية وهي إن تزوجت لن تستطيع أن تحتفظ بزوج بطريقة صحيحة، فهي الآن تمثل جناية كبيرة على مستقبلها، الفتاة التي تعودت على الخروج مع الشباب وتعودت الجلوس معهم وتعودت الحرية والصراحة وتعودت رفع الكلفة ما بينها وبين الرجل فإنها قطعاً ستصعب عليها حقيقة أن تتأقلم مع زوجها في المستقبل، لأنها ستكون على نفس المنوال هذا.
نعم هي قد تكون تراعي بعض المشاعر والضوابط ولكنها لن يكون لديها المانع أبداً في أن تقيم أي علاقة مع أي شخص آخر غير زوجها بحجة أنه صديق أو زميل في العمل وغير ذلك، وبذلك تكون هي بدايات الفشل.
ومن هنا أقول: إن هذه التصرفات ليست صحيحة، وأنت معي أعتقد في ذلك.. ولذلك لابد لك من وقفة حقيقة - بارك الله فيك - .. نعم أنا أقدر ظرفك السني على اعتبار أنك قد تقدم بك السن نوعاً ما وحريصة أيضاً على عدم إزعاج أخيك، ولذلك لا تخبريه بالأمور أولاً بأول، وتحاولي أن تجتهدي ولكن البنت تعلم أنك لا تملكين أكثر من الكلام، ولذلك بدأت لا تستجيب لك.
أنا أقول لك - بارك الله فيك – باعتبار أنك معلمة فاضلة ومربية كبيرة وقديرة أتمنى أن تزوري المكتبة وأن تطلعي على كتب إسلامية في كيفية التعامل مع المراهق؛ لأن البنت قطعاً في مرحلة الجامعة هي في مرحلة عدم اتزان. وأنا أريد أن أقول إن المراهقة هنا ليس معناها المراهقة السنية وإنما المراهقة السلوكية؛ لأن المراهقة هي مرحلة تسبق البلوغ، وقطعاً هي الآن بالغة، بمعنى أنها لو تزوجت لأنجبت، ولعل في مثلها الآن زوجات وأمهات، فإذن هي الآن امرأة بمعنى الكلمة، ليست مجرد مراهقة طائشة لم تعلم شيء، أبداً، وإنما الشرع يعتبرها كذلك منذ الحيض، وقطعاً هي قد حاضت وبلا شك، أو على الأقل وصلت خمسة عشر عاماً وهذه من علامات البلوغ بالنسبة للمرأة، فهي الآن امرأة بالغة كاملة البلوغ وكاملة النضج، وإذا قدر الله أن تزوجت الآن لأنجبت.
إذن هذه التصرفات محسوبة عليها كلها، وهي بذلك الآن تدفع بنفسها إلى جهنم ما دامت لا تصلي ولا تلتزم بالحجاب الشرعي وتقيم علاقات غير منضبطة وغير مشروعة، ولذلك أقول: هذه المرحلة أنت تحتاجين - بارك الله فيك – إلى التعرف على كيفية التعامل معها في مثل هذه السن، والكتب بفضل الله تعالى في المكتبات الإسلامية متوفرة وكثيرة تستطيعين بزيارتها أن تتعرفي على كيفية التعامل معها، فهناك كتاب مثلاً بعنوان (المراهقون دراسة إسلامية ونفسية)، للدكتور عز الدين النغيميشي، هذا أخ سعودي جيد كتب كلاماً رائعا في كيفية مراعاة المشاعر وكيفية مراعاة الجوانب الأخلاقية والسلوكية.
وهناك كتاب أيضاً بعنوان (تربية المراهق في الإسلام) وهذا كتاب مغلف ضخم يستطيع أن يفيدك - بإذن الله تعالى – في بعض المهارات التي تتعاملين معها من خلالها. وهناك كتب حقيقة كثيرة عن كيفية التعامل مع المراهق.
وابدئي معها - بارك الله فيك – ولكن أتمنى أن يكون هناك نوع من الحزم، فإذا لم يتيسر لك هذا الأمر فلابد أن تبدئي معها بالحوار وأن تجتهدي في إقناعها، إذا لم تلتزم فقولي لها: (اسمحي لي أنا سوف أخبر والدك، لأني لن أتحمل مسئولية هذه التصرفات)، هي قطعاً قد تُظهر لك أنها تفعل ذلك من باب إرضائك، ولكنها قد تكون أيضاً متفتحة أو تقيم نفس العلاقات وتسلك نفس الأشياء خارج البيت. ولكن على الأقل دعيها تصلي في البيت ولا تخرج من البيت إلا بالملابس المحترمة، وتكلمي معها في العلاقات وقولي لها: (إن هؤلاء الشباب ذئاب وأن الواحد منهم يظل يمشي مع الفتاة حتى إذا ما أخذ منها ما يريد تركها كالبصقة على الأرض لا يلتفت إليها ولا يعبأ بها، ومثل هذه العلاقات – يا بنيتي – لا تؤسس أسرة، وإنما نوع من الضياع؛ لأن هذا الكلام الذي بينكما الكلام العادي معصية لأنه في غير طاعة، وإذا ما صافحتهم مصافحة باليد فهذه معصية).
بيني لها - بارك الله فيك – هذه الأمور بهدوء وبحوار ونقاش، حتى تبصريها بذلك، وحاولي أيضاً في نفس الوقت أن تبحثي من أبناء زميلاتك أو جاراتك أو معارفك عن بنت صالحة في هذه البيوت وقطعاً سوف تجدين لتقيم علاقة معها ولو بطريقة غير مباشرة، يعني اجعليها تتصل مثلاً بالتليفون مرة ولو بصورة الخطأ، وبعدين السلام عليكم، عليكم السلام، خذي معاك فلانة، وكأن الأمر بعيد عنك تماماً، لأنها لو منَّ الله عليها بصحبة صالحة فسوف ينتشلونها من هذا الواقع الذي هي فيه.
إذن أنت تبدئين - بارك الله فيك – معها بالحوار بالنقاش بالهدوء بالإقناع؛ لأنك أنت معلمة بلا شك وتبيني لها كل أمر والخطر المترتب عليه من هذه المخالفات، ثم بعد ذلك تحاولي أن تبحثي لها عن صديقة صالحة تحاول أن تملأ فراغها. إذا لم تلتزم بذلك فقولي لها: (اسمحي لي أنا سوف أتصل بوالدك وأخبره)، وفعلاً تتصلي بأخيك وتقولي له: (يا أخِي، إن ابنتك كيت وكيت، وأنا امرأة كبيرة في السن ولا أستطيع حقيقة أن أضبط هذه السلوكيات، فابنتك تقيم عندي في السكن فقط، أما خارج السكن فأنا لا أعرف عنها شيئاً، وهذا حتى تكون على بينة من الأمر).
ولكن أنا أنصح قبل أن تبدئي هذه الخطوة اجعليها آخر خطوة، واجعلي الحوار والنقاش والتفاهم هو البداية، وبيِّني لها ذلك، قولي لها: (أنا بمقدوري أن أتصل بوالدك وأخبره، ولكن أنت ابنتي وأنا حريصة عليك، والعلاقة التي بيني وبينك أتمنى أن تتصل وأن تدوم،لأنك بالنسبة لي جزء مني يتحرك على الأرض، وأنا علم الله أريد لك الخير يا بنيتي ولا أريد أن أحبس عنك شيئاً، ولكن من خلال الواقع والتجربة هذه العلاقات يا بنيتي أنت التي ستخسرين فيها، فالشاب لن يخسر شيئاً لأنه أنت معه اليوم وغداً يكون مع فتاة أخرى، ولكن أنت عندما تلطخ سمعتك وعندما يريد أحد أن يتقدم إليك سيقول إنها صاحبة فلان وفلان وفلان، ولو كان فيها خير ما تركها هؤلاء).
بيِّني لها بالمنطق والعقل وهذه لا تحتاج إلى علم كبير، وأتمنى زيارة المكتبة أيضاً وتعلم بعض المهارات التي تستفيدين منها في التعامل معها في هذه المرحلة ومرحلة الطيش التي هي فيها الآن، وبيني لها أن هذه التصرفات كلها لا ترضي الله تعالى، وأن أي زوج محترم لن يقبل أبداً أن يرتبط بفتاة لها علاقات بهذه الصفة أو تلبس مثل هذه الملابس، وحاولي معها - بارك الله فيك -.
هناك أيضاً أمر مهم جدّاً وهو الدعاء، فأكثري الدعاء لها بالهداية والصلاح والاستقامة؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة.
البحث عن صديقة لها في المحيط الذي تعيشين فيه كأبناء زميلاتك في العمل، أو جاراتك، أو قريباتك، من الممكن أن يلعب دورا مهما جدّاً؛ لأن الصاحب ساحب، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
إذا لم تأت هذه الوسائل بنتائج فمن الممكن أن تخبري أبيها بحقيقة الأمر ليتصرف معها بدلاً من أن يحملك المسئولية مستقبلاً.
أسأل الله تعالى أن يوفقك في مهمتك، وأن يهدي هذه الفتاة صراطه المستقيم، وأن يسترنا وإياك وإياها بستره الذي لا ينكشف في الدنيا ولا في الآخرة، إنه جوادٌ كريم.
هذا وبالله التوفيق.