السؤال
كيف يمكن لي قول الحق في وقت لا يقبل سوى النفاق، وتصبح إذ ذاك شيطانًا في نظرهم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى الإنسان أن يقول الصدق، وأن ينطق بالحق، ولو كره الناس ذلك، لقوله تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور [لقمان:17]. وقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187]. وقوله عن المؤمنين: يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54]. وقوله تعالى: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [الأنعام:152].
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبايع أصحابه على ذلك، ففي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
قال النووي -رحمه الله- في شرحه: معناه: نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر في كل زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نداهن فيه أحدًا، ولا نخافه إلا هو، ولا نلتفت إلى الأئمة، ففيه القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأجمع العلماء على أنه فرض كفاية، فإن خاف من ذلك على نفسه أو ماله أو على غيره، سقط الإنكار بيده، ووجبت كراهته بقلبه، هذا مذهبنا ومذهب الجماهير، وحكى القاضي هنا عن بعضهم أنه ذهب إلى الإنكار مطلقاً في هذه الحالة وغيرها. انتهى.
ولا تخلو الأرض من صالحين وأخيار، يحبون الحق، ويكرمون من جاء به، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك. متفق عليه.
فأحرص على أن تكون مع هؤلاء، ومن هؤلاء.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني