الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البعد عن الله سبب كل بلاء وضيق

السؤال

أشعر أني بعيدة عن الله, فحياتي مضطربة, ولا يوجد توفيق في قرارتي, وكلما أدعو به لا يجاب, وكل ما أقوم به لا يأتي بالنجاح, فمثلًا توقف تخرجي في الجامعة, وتأخر زواجي, ولا أعرف هل هذا ابتلاء من الله أم عقاب منه؟ فكيف أعرف أن الله راضٍ عني؟ وماذا أفعل ليرضى عني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عزوجل أن يشرح صدرك, وأن ييسر أمرك، واعلمي أن كل بلاء وشر - ومنه تعسر الأمور, وقلة التوفيق - سببه الأكبر هو البعد عن الله، واجتراح المعاصي والخطايا، قال ابن القيم: فمما ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي تضر، ولا بد، وأن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟ وقال - في تعداد آثار الذنوب - : ومنها: تعسير أموره عليه, فلا يتوجّه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه، أو متعسّرًا عليه, وهذا كما أنّ من اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، فمن عطّل التقوى جعل له من أمره عسرًا, ويالله العجب! كيف يجد العبد أبوابَ الخير والمصالح مسدودةً عنه، وطرُقَها معسَّرةً عليه، وهو لا يعلم من أين أُتِيَ؟ .اهـ.
فعليك أن تبادري بالتوبة النصوح، وذلك بالندم على ما سلف من الذنوب والاستغفار منها، والإقلاع العاجل عنها، والعزم على عدم العودة إليها، واعلمي أن الله عز وجل من أسمائه التواب، وهو سبحانه يحب التائبين، ويفرح بعبده إذا تاب إليه.

وما يصيب العبد من المكاره قد يكون عقوبة له على ذنوبه لتكفر به سيئاته, وتكون سببًا في رجوعه إلى الله، وقد تكون الابتلاءات رفعة لدرجات المؤمن, والعبد أبصر بنفسه, وأدرى بحاله مع ربه, والعبد متى ما حقق الإيمان فهو رابح على كل حال، فإن كل ما يقضيه الله لعبده المؤمن فهو خير له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له. أخرجه مسلم.

والعبد قد تكون له منزلة عظيمة عند الله لا يبلغها إلا بالمصائب، جاء في الحديث: إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة، لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده, ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى. أخرجه أبو داود, وصححه الألباني.

والعبد مأمور بالرضا بقضاء الله على كل حال، فجاهدي نفسك على الترقي لمقام الرضا بما كتب الله، وليكن لك في تلك المصائب عبرة، فتجتنبي المعاصي والذنوب التي هي من أعظم أسباب المصائب, وعلى المسلم أن يكون حسن الظن بربه عز وجل في كل حال، قال ابن القيم: ومن ظن به أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة، وتضرع إليه وسأله، واستعان به وتوكل عليه أنه يخيبه ولا يعطيه ما سأله، فقد ظن به ظن السوء، وظن به خلاف ما هو أهله. اهـ
وراجعي للاستزادة حول أسباب البلاء والحكمة منه الفتويين: 104852 13270.
وانظري في وسائل تحقيق رضا الله ومحبته وعلامات رضا الله عن عبده الفتوى رقم: 20634.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني