الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نشكرك على ثقتك بنا، وكتابتك إلينا، وحرصك على السؤال عن الأحكام الشرعية، واستشعارك لخطورة ما فعلت، وحاجتك للمساعدة ببعض النصائح.
والاستمناء وهو ما أطلقت عليه العادة السرية أمر محرم بدلالة الكتاب والسنة، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 7170، وقد ذكرنا فيها بعض الأضرار الدينية والدنيوية التي قد تترتب على ممارستها، وقد يكون منها ما أوردت بسؤالك من الألم النفسي والجسدي.
وانظري كيف ترتب على هذه العادة من معاص غيرها؛ كمشاهدة الأفلام الإباحية، وما هو أخطر، وهو عدم الاغتسال وترك الصلاة، وفاعل ذلك متعرض لسخط الله ومقته، وعقوبته العاجلة والآجلة. وقد أحسنت بالندم والرغبة في التوبة، والواجب عليك المبادرة إليها فورا، إذ لا يجوز تأخيرها أو التسويف فيها.
قال النووي في شح صحيح مسلم: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَة مِنْ جَمِيع الْمَعَاصِي وَاجِبَة , وَأَنَّهَا وَاجِبَة عَلَى الْفَوْر, لَا يَجُوز تَأْخِيرهَا, سَوَاء كَانَتْ الْمَعْصِيَة صَغِيرَة أَوْ كَبِيرَة. وَالتَّوْبَة مِنْ مُهِمَّات الْإِسْلَام وَقَوَاعِده الْمُتَأَكِّدَة. اهـ.
والواجب عليك -إن كنت قد بلغت- قضاء ما فاتك من الصلوات، فذلك من تمام التوبة، فإن جهلت عددها، فتتحرين بحيث تصلين ما يغلب على الظن معه براءة ذمتك، وانظري الفتوى: 12700، ولمعرفة علامات البلوغ انظري الفتوى: 10024.
ومحادثة المرأة للرجال الأجانب باب للشر عظيم، ولذلك شدد الفقهاء في النهي عنها، وقد أوردنا نصوص الفقهاء في الفتوى: 21582. فيجب عليك الانتهاء عن محادثة هؤلاء الشباب فيما أسميته من أمور الحياة العادية إذا أردت السلامة لدينك وعرضك، ويتأكد الأمر في تركك محادثة الشاب الذي تعاهدت معه على الحب، فلا تجوز العلاقات العاطفية بين المرأة ورجل أجنبي عنها كما بينا في الفتوى: 30003، وانظري أيضا الفتوى: 4220.
ووصفك لهذا الحب بكونه بدون جنس، وأنه حديث جد عادي لا يجعله جائزا شرعا. والشيطان للإنسان بالمرصاد ينصب له شباكه ليوقعه فيها من حيث لا يشعر، فيزين له الباطل بمثل هذه الحيل والعلل الواهية، قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا...الآية {الأعراف:27}.
ونرجو مراجعة الفتاوى: 1208، 10800، 12928، ففيها توجيهات نافعة لمن أراد سلوك طريق الاستقامة والبعد عن سبل الغواية.
واحرصي في جانب الطاعات على التركيز في المقام الأول على الفرائض؛ فإنها أهم ما يتقرب به المتقربون إلى ربهم، وافعلي بعد ذلك من نوافل العبادات ما تستطيعين؛ كالسنن الراتبة التي تكون قبل الصلاة المفروضة وبعدها، وكذلك صوم الاثنين والخميس، وصوم الثلاث البيض مثلا، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..... الحديث. وراجعي الفتوى: 55961، والفتوى: 3423.
هذا بالإضافة إلى تلاوة القرآن، واتخاذ ورد يومي منه خاص بك؛ كقراءة جزء مثلا أو أكثر أو أقل حسبما يتيسر لك، والحرص على ذكر الله عموما، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء خاصة.
وتحيني أوقات النشاط في العبادة، ولا تكلفي نفسك ما تطيقين حتى لا يأتي الملل، ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت عندي امرأة من بني أسد فدخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:" من هذه؟. قلت: فلانة، لا تنام بالليل، تذكر صلاتها. فقال: مه، عليكم ما تطيقون من الأعمال؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا.
والله أعلم.