الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فإن طرق التوبة وشروطها تتفق في ثلاثة أمور وهي: وجوب الإقلاع عن الذنب فوراً، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه أبداً، وتختلف فيما يتعلق بحق الله فقط، وفيما يتعلق بحق الله وحق الآدمي، فإن ما يتعلق بحقوق الآدمي لا بد فيه من التخلص من حقوق أصحاب المظالم باستسماحهم والتحلل منهم أو إعطائهم حقوقهم، ويزاد الأمر بالنسبة لآكل الربا أنه لا بد من التخلص من الفوائد الربوية بصرفها في مصالح المسلمين.
وأما إذا كان موكلاً للربا أو كاتباً له أو شاهداً عليه ولم يكن آكلاً له فإن الشروط الثلاثة للتوبة هي الواجبة في حقه لا غيرها، وأما الزاني فيجب عليه أن يتحلل ممن اعتدى على عرضهم فيتحلل من زوج المتزوجة ومن أبيها وذويها، لأن إفساد أخلاق الزانية وانتهاك عرضها فيه ظلم لهم جميعاً، وقد ذكر أهل العلم استسماحهم ليس بأن يذكر لهم الاعتداء على بنتهم، بل يتعين ستر ذلك لئلا يترتب على الأمر فضحهما وإغضابهم ووقوع شر محتمل، فينبغي أن يستميل قلوبهم بالإحسان إليهم حتى إذا حصلت المودة طالبهم المسامحة في جميع الحقوق.
قال صاحب مطهرة القلوب في شروط التوبة:
وشرطها استحلاله للآدمي من حقه الظاهر غير الحرمى
ونحوه أن تستطع تحلله منه ولا بد من أن تفصله
وقال في الشرح: المحارم التي فيهن حق الآدمي خمسة: دينية كتكفير وقذف، وعرضية كغيبة، ومالية كغصب فيجب أن تستحل مظلومك في الثلاث أي تطلبه أن يبرئك مما ظلمته به ويجب أن تكذب نفسك عند من شهدت عنده عليه بزور، وهل شرطها لقاذف تكذيب نفسه قولان للشافعي ومالك.. وذكر بعضهم سقوط الإثم بالتوبة من غيبة لم تبلغه.
وأما الحرمية فيحرم فيها لإثارته الغيظ فلا تستحله إلا مبهماً، وأما البدنية كضرب وقتل فيجب وهل على القاتل تسليم نفسه قولان لابن رشد قال زروق الثاني هو ظاهر الأحاديث... انتهى..
وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5450، 19812، 72962، 97460.
والله أعلم.