الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العقد الأول تم بغير إذن وليها، فهذا العقد فاسد؛ لأن الولي شرط لصحة النكاح على الراجح من أقوال الفقهاء، وانظري الفتوى رقم: 1766، والواجب تصحيح الأمر وتجديد العقد، ولا يحتاج الأمر إلى فسخ أو طلاق ما دام الناكح هو من سيتزوجها؛ قال ابن قدامة في المغني: إذا تزوجت المرأة تزويجًا فاسدًا لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها ... اهـ. وهذا يعني أن تزويجها لمن تزوجها لا يقتضي شيئًا من ذلك.
وإن كان قد وطئها، كان هذا الوطء وطء شبهة فلا يلزمه استبراؤها على الراجح؛ لأنه وطء يلحقه فيه النسب، وفي المسألة خلاف ذكره ابن قدامة، ورجح ما ذكرناه؛ حيث قال: وكل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية والموطوءة بشبهة، أو في نكاح فاسد، فقياس المذهب تحريم نكاحها على الواطئ وغيره. والأولى حل نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها؛ لأن العدة لحفظ مائه وصيانة نسبه، ولا يصان ماؤه المحرم عن مائه المحترم، ولا يحفظ نسبه عنه، ولذلك أبيح للمختلعة نكاح من خالعها، ومن لا يلحقه نسب ولدها كالزانية لا يحل له نكاحها؛ لأن نكاحها يفضي إلى اشتباه النسب، فالواطئ كغيره في أن الولد لا يلحق نسبه بواحد منهما. اهـ.
والمعتبر لصحة النكاح هذا العقد الأخير الذي توفرت فيه الشروط، ويصبح العقد الأول لاغيًا.
وأما توثيق العقد فليس بلازم، ولكنه إجراء مهم لضمان الحقوق وتجنب أسباب النزاع والخصومات، فعند الرغبة في التوثيق يوثق العقد الثاني. وكون المأذون من بلد آخر، واكتشاف العقد الأول من عدمه، فهذه أمور لا علم لنا بها.
وننبه إلى أن النكاح الفاسد إذا دخل فيه الزوج استقر به المهر، فتستحق الزوجة المسمى أو المثل على خلاف بين الفقهاء في ذلك، ويمكن مطالعة الفتويين: 107332، 34227.
والله أعلم.