الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأذكار المأثورة بعد الصلاة، مستحبة, وليست بواجبة.
جاء في كتاب الأذكار للنووي: أجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة، في أنواع منه متعددة. انتهى.
ولا يجب في هذه الأذكار ترتيب معين, فيجوز التقديم فيها, والتأخير, إلا أن الأولى أن يأتي بها مرتبة، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ففي الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز سئل رحمه الله: هل يجب ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة؟
فأجاب: حسب ما ورد، الأفضل أن يأتي بها حسب ما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم, والنبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه، كان يبدأ أولاً إذا سلم من الفريضة بالاستغفار ثلاثا، يقول: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام) كما ثبت ذلك من حديث ثوبان عند مسلم, وثبت بعضه عن عائشة، عند مسلم أيضاً أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقعد بعد السلام مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يعني، ثم ينصرف إلى الناس، ويعطيهم وجهه, ثم يقول بعد هذا: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على شيء قدير)، جاء في حديث الزبير، والمغيرة ما يدل على أنها واحدة، وجاء في رواية أخرى ما يدل على التثليث أنه يقولها ثلاثاً،..... ويقول: (لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، بعد كل صلاة من الصلوات الخمس: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، والعشاء، هذا الذكر، ويزيد في المغرب والفجر عشر مرات، (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير)، جاءت في هذا أحاديث خاصة، صحيحة في المغرب، والفجر مع الذكر المذكور، يأتي بعشر: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، ثم يقول: سبحان الله, والحمد لله, والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ويختمها، بقوله: لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كل هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يقرأ آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة:255) ، هذه آية واحدة، يقال لها آية الكرسي، وهي أفضل آية في القرآن، وأعظم آية في القرآن الكريم، كما أن أعظم سورة، وأفضل سورة في القرآن، سورة الفاتحة، الحمد لله رب العالمين، ثم بعد آية الكرسي يقرأ: قل هو الله أحد، ثم قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، مرة واحدة بعد الظهر, وبعد العصر, وبعد العشاء، وثلاث مرات بعد الفجر والمغرب. هذه السور الثلاث يقرؤها مرة واحدة بعد الظهر, والعصر, والعشاء، ويكررها ثلاثا بعد المغرب, وبعد الفجر بعد الأذكار المتقدمة. وبعد آية الكرسي. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 157455.
وبناء على ما سبق, فإنه لا حرج عليك فيما أقدمت عليه من الإتيان بآية الكرسي بعد الاستغفار ثلاثا، إلا أنه خلاف الأفضل.
وللتعرف على تفصيل الأذكار المأثورة بعد الصلاة، راجع الفتوى رقم: 4817.
والله أعلم.