الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما فهمناه هو أنك تسألين عن ربط ما يحدث للشخص من ابتلاءات بالعين ونحوها، فإن كان هذا هو المقصود فنقول: إن الثابت بالأدلة الشرعية أن العين حق، ولها تأثيرها، وسبق بيان الأدلة الدالة على ذلك، فيمكن مطالعة الفتوى: 16755.
ولكن لا ينبغي التعجل إلى اعتبار العين هي السبب، إذ لا يبعد أن يكون الأمر مجرد ابتلاء من غير ارتباط بسبب معين، والدنيا دار ابتلاء، كما قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}.
ويمكن أن تكون المعاصي سببا للبلاء، فينبغي الإقبال على التوبة والإكثار من الاستغفار، ففي الاستغفار أمان، قال الله -عز وجل-: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {الأنفال:33}، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كان فيهم أمانان النبي -صلى الله عليه وسلم، والاستغفار. فذهب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبقي الاستغفار. اهـ.
وإذا خُشِي أن تكون هنالك إصابة بالعين، فالعلاج في الرقية الشرعية، وسبق بيان كيفيتها في الفتوى: 4310.
ومما يعين على العلاج الاستقامة على الطاعات، وخاصة المحافظة على الفرائض، والإكثار من الذكر، وتلاوة القرآن، واجتناب المعاصي.
والكلام الذي في آخر السؤال إن كنت تعنين به أن يترك المسلم مساعيه في سبيل مصالحه خوفا من العين، فهذا مما لا ينبغي، بل عليه أن يستمر في ذلك مستعينا بالله، واثقا به، ومتوكلا عليه، وإذا أمكن إخفاء بعض النعم خوفا من العين فهذا مما لا بأس به، وقال تعالى حكاية عن نبيه يعقوب -عليه السلام-: وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ {يوسف:67}، قال أهل التفسير: إنه إنما أمرهم أن يدخلوا مصر من أبواب متفرقة خوفا عليهم من العين.
والله أعلم.