الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأكمل هو الثلاث؛ إذ الغسلة الثانية سنة، وكذلك الثالثة، وهذا في حق العضو المغسول الذي يشرع فيه التثليث -كالوجه، واليدين، والرجلين-، جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة، وعلى أن الثلاث سنة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة، وثلاثًا ثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا، وبعضها مرتين، وبعضها مرة.
قال العلماء: فاختلافها دليل على جواز ذلك كله، وأن الثلاث هي الكمال، والواحدة تجزئ. انتهى.
وإذا لم تُعمّمي العضو بالغسلة الأولى التي هي الفرض، بل بالغسلة الثانية، أو الثالثة؛ ناوية أنها فضيلة (أي أنها سنة)؛ ففي صحة وضوئكِ خلاف، قال النووي في المجموع: إذا توضأ ثلاثًا -كما هو السنة-، فترك لمعة عن وجهه في الغسلة الأولى ناسيًا؛ فانغسلت في الثانية أو الثالثة، وهو يقصد بها التنفّل، فهل يسقط الفرض في تلك اللمعة بهذا أم يجب إعادة غسلها؟ فيه وجهان.
وكذا الجنب إذا ترك لمعة من بدنه في الغسلة الأولى ناسيًا؛ فانغسلت في الثانية، ففيه الوجهان.
قال القاضي أبو الطيب في كتابه شرح الفروع: الصحيح أنه لا يرتفع حدث اللمعة في المسألتين.
وقال جمهور الخراسانيين: الأصح ارتفاع الحدث بالغسلة الثانية والثالثة. انتهى.
وعند المالكية يجزئ هذا الوضوء، إذا كنت نويت بالغسلة الثانية أو الثالثة الفرض، أو لم تنوي شيئًا، وانظري تفصيل ذلك في الفتوى: 405373، وهي بعنوان: "مذهب المالكية في نية من ترك لمعة لم يغسلها في الغسلة الأولى".
ويجزئ الوضوء عند الحنابلة، ولو نويت التنفّل في الغسلة الثانية والثالثة، قال الحجاوي في الإقناع: ولو نسي لمعة في وضوئه أو غسله؛ فانغسلت في الغسلة الثانية أو الثالثة بنية التنفّل، أو في إعادة وضوء، أو غسل لنسيان له؛ أجزأه. انتهى.
والله أعلم.