أخبرنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، رحمه الله، قال: أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي .
(ح) وحدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى السلمي، قال: أخبرنا الحسين بن علي بن محمد بن يحيى، ومحمد بن محمد بن داود، وإبراهيم بن محمد النصراباذي، واللفظ للحسين قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي، قال: حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران من ولد قال: حدثنا جرير بن عبد الله البجلي، مخزوم بن هانئ المخزومي، عن أبيه، وأتت عليه مائة وخمسون سنة قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلمكسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة. ارتجس إيوان
وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك [ ص: 127 ] بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، وتصبر عليه تشجعا، ثم رأى أن لا يدخر ذلك عن وزرائه ومرازبته حين عيل صبره، فجمعهم، ولبس تاجه، وقعد على سريره، ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده، قال: أتدرون فيما بعثت إليكم، قالوا: لا، إلا أن يخبرنا الملك بذلك.
فبينا هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس، فازداد غما إلى غمه، ثم أخبرهم بما هاله، فقال الموبذان: وأنا - أصلح الله الملك - قد رأيت في هذه الليلة.
ثم قص عليه رؤياه في الإبل.
قال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ وكان أعلمهم في أنفسهم قال: حدث يكون من ناحية العرب.
فكتب كسرى عند ذلك: " من ملك الملوك كسرى إلى النعمان بن المنذر.
أما بعد: فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه.
فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني.
فلما قدم عليه، قال: ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: يسألني - أو يخبرني - الملك، فإن كان عندي منه علم أخبرته، وإلا دللته على من يعلمه.
قال: فأخبره بما رأى.
قال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام، يقال له: سطيح.
قال: فاذهب إليه فاسأله وائتني بتأويل ما عنده.
فنهض عبد المسيح حتى قدم على سطيح، وقد أشفى على الموت، فسلم عليه وحياه، فلم يحر جوابا، فأنشد عبد المسيح يقول:
[ ص: 128 ]
أصم أم يسمع غطريف اليمن أم فاد فازلم به شأو العنن يا فاصل الخطة أعيت من ومن
وكاشف الكربة عن وجه غضن أتاك شيخ الحي من آل سنن
وأمه من آل ذئب بن حجن أزرق بهم الناب صوار الأذن
أبيض فضفاض الرداء والبدن رسول قيل العجم يسري بالرسن
لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن تجوب بي الأرض علنداة شزن
ترفعني وجنا وتهوي بي وجن حتى أتى عاري الجآجي والقطن
تلفه في الريح بوغاء الدمن كأنما حثحث من حضني ثكن
يا عبد المسيح، إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات [ ص: 129 ] ، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
ثم قضى سطيح مكانه، فنهض عبد المسيح إلى رحله، وهو يقول:
شمر فإنك ماضي الهم شمير لا يفزعنك تفريق وتغيير
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذلك أطوار دهارير
فربما ربما أضحوا بمنزلة يهاب صولتها الأسد المهاصير
منهم أخو الصرح بهرام وإخوته والهرمزان وسابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور
وهم بنو الأم، أما إن رأوا نشبا فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مقرونان في قرن والخير متبع , والشر محذور
فملك منهم عشرة في أربع سنين، والباقون إلى أن قتل رضي الله عنه قلت: عثمان بن عفان ولسطيح قصة أخرى في إخباره حين قدم مكة من لقيه من قريش منهم عبد مناف بن قصي بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه بعده [ ص: 130 ] .
وله قصة أخرى ولشق في تأويل رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي.