فصل
قال : " الدرجة الثانية : إلهام يقع عيانا ، وعلامة صحته أنه لا يخرق سترا ، ولا يجاوز حدا ، ولا يخطئ أبدا " .
الفرق بين هذا وبين في الدرجة الأولى : أن ذلك علم شبيه بالضروري الذي لا يمكن دفعه عن القلب ، وهذا معاينة ومكاشفة ، فهو فوقه في الدرجة ، وأتم منه ظهورا ، ونسبته إلى القلب نسبة المرئي إلى العين ، وذكر له ثلاث علامات : الإلهام
إحداها : أنه لا يخرق سترا ، أي صاحبه إذا كوشف بحال غير المستور عنه لا يخرق ستره ويكشفه ، خيرا كان أو شرا ، أو أنه لا يخرق ما ستره الله من نفسه عن الناس ، بل يستر نفسه ، ويستر من كوشف بحاله .
الثانية : أنه لا يجاوز حدا ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه لا يتجاوز به إلى ارتكاب المعاصي ، وتجاوز حدود الله ، مثل الكهان ، وأصحاب الكشف الشيطاني .
الثاني : أنه لا يقع على خلاف الحدود الشرعية ، مثل أن يتجسس به على العورات التي نهى الله عن التجسس عليها وتتبعها ، فإذا تتبعها وقع عليها بهذا الكشف ، فهو شيطاني لا رحماني .
الثالثة : أنه لا يخطئ أبدا ، بخلاف الشيطاني ، فإن خطأه كثير ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صائد فالكشف الشيطاني لا بد أن يكذب ، ولا يستمر صدقه البتة . ما ترى ؟ قال : أرى صادقا وكاذبا ، فقال : لبس عليك