( واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )
[ ص: 196 ]
ثم قوله تعالى : ( واتقين الله ) عند المماليك دليل على أن التكشف لهم مشروط بشرط السلامة والعلم بعدم المحذور . وقوله : ( إن الله كان على كل شيء شهيدا ) في غاية الحسن في هذا الموضع ، وذلك لأن ما سبق إشارة إلى جواز الخلوة بهم والتكشف لهم ، فقال إن الله شاهد عند اختلاء بعضكم ببعض ، فخلوتكم مثل ملئكم بشهادة الله تعالى فاتقوا .
ثم قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) لما احتراما كمل بيان حرمته ، وذلك لأن حالته منحصرة في اثنتين حالة خلوته ، وذكر ما يدل على احترامه في تلك الحالة بقوله : ( أمر الله المؤمنين بالاستئذان وعدم النظر إلى وجوه نسائه لا تدخلوا بيوت النبي ) وحالة يكون في ملأ ، والملأ إما الملأ الأعلى ، وإما الملأ الأدنى ، أما في الملأ الأعلى فهو محترم ، فإن الله وملائكته يصلون عليه . وأما في الملأ الأدنى فذلك واجب الاحترام بقوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : يقال في اللغة : صلى عليه ، أي دعا له ، وهذا المعنى غير معقول في حق الله تعالى فإنه لا يدعو له ؛ لأن الدعاء للغير طلب نفعه من ثالث . فقال الصلاة الدعاء رضي الله عنه : استعمل اللفظ بمعان ، وقد تقدم في تفسير قوله : ( الشافعي هو الذي يصلي عليكم وملائكته ) [ الأحزاب : 43 ] والذي نزيده ههنا هو أن الله تعالى قال هناك : ( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ) جعل الصلاة لله وعطف الملائكة على الله ، وههنا جمع نفسه وملائكته وأسند الصلاة إليهم فقال : ( يصلون ) وفيه ، وهذا لأن إفراد الواحد بالذكر وعطف الغير عليه يوجب تفضيلا للمذكور على المعطوف ، كما أن الملك إذا قال : يدخل فلان وفلان أيضا يفهم منه تقديم لا يفهم لو قال : فلان وفلان يدخلان ، إذا علمت هذا ، فقال في حق النبي عليه السلام إنهم يصلون ؛ إشارة إلى أنه في الصلاة على النبي عليه السلام كالأصل ، وفي الصلاة على المؤمنين الله يرحمهم ، ثم إن الملائكة يوافقونه فهم في الصلاة على النبي عليه السلام يصلون بالإضافة كأنها واجبة عليهم أو مندوبة سواء صلى الله عليه أو لم يصل ، وفي المؤمنين ليس كذلك . تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام
المسألة الثانية : هذا دليل على مذهب لأن الأمر للوجوب فتجب الصلاة على النبي عليه السلام ولا تجب في غير التشهد فتجب في التشهد . الشافعي
المسألة الثالثة : ؟ فقال : " قولوا اللهم صل على سئل النبي عليه السلام كيف نصلي عليك يا رسول الله محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
المسألة الرابعة : إذا صلى الله وملائكته عليه فأي حاجة إلى صلاتنا ؟ نقول : ، وإلا فلا حاجة إلى صلاة الملائكة مع صلاة الله عليه ، وإنما هو لإظهار تعظيمه ، كما أن الله تعالى أوجب علينا ذكر نفسه ولا حاجة له إليه ، وإنما هو لإظهار تعظيمه منا شفقة علينا ليثيبنا عليه ، ولهذا قال عليه السلام : " الصلاة عليه ليس لحاجته إليها " . من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا
المسألة الخامسة : منه بأمره بالصلاة على الأمة حيث قال : ( لم يترك الله النبي عليه السلام تحت منة أمته بالصلاة حتى عوضهم وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) [ التوبة : 103 ] وقوله : ( وسلموا تسليما ) أمر فيجب ولم يجب في غير الصلاة فيجب فيها وهو قولنا السلام عليك أيها النبي في التشهد وهو حجة على من [ ص: 197 ] قال بعدم وجوبه وذكر المصدر للتأكيد ليكمل السلام عليه ولم يؤكد الصلاة بهذا التأكيد لأنها كانت مؤكدة بقوله : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) .