( 6496 ) مسألة قال : ( وكذلك ) ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه ، إذا اجتمعت الشروط التي تقدم ذكرنا لها . وبه قال الصبي إذا لم يكن له أب ، أجبر وارثه على نفقته ، على قدر ميراثهم منه الحسن ، ، ومجاهد ، والنخعي ، وقتادة ، والحسن بن صالح ، وابن أبي ليلى . وحكى وأبو ثور ، عن ابن المنذر ، في الصبي المرضع لا أب له ولا جد ، نفقته وأجر رضاعه على الرجال دون النساء . وكذلك روى أحمد ، عن أبيه ، عن بكر بن محمد : النفقة على العصبات . وبه قال أحمد الأوزاعي ، وإسحاق . وذلك لما روي عن رضي الله عنه أنه قضى على بني عم منفوس بنفقته . احتج به عمر . أحمد
وقال : روي عن ابن المنذر أنه حبس عصبة ينفقون على صبي الرجال دون النساء . ولأنها مواساة ومعونة تختص القرابة ، فاختصت بها العصبات ، كالعقل . وقال أصحاب الرأي : تجب النفقة على كل ذي رحم محرم ، ولا تجب على غيرهم ; لقول الله تعالى : { عمر وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } . وقال ، مالك ، والشافعي : لا نفقة إلا على المولودين والوالدين ; { وابن المنذر } . ولم يأمره بإنفاقه على غير هؤلاء ، ولأن الشرع إنما ورد بنفقة الوالدين والمولودين ، ومن سواهم لا يلحق بهم في الولادة وأحكامها ، فلا يصح قياسه عليهم . ولنا ، قول الله تعالى : { لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله : عندي دينار ؟ قال : أنفقه على نفسك . قال : عندي آخر ؟ قال : أنفقه على ولدك . قال : عندي آخر ؟ قال : أنفقه على أهلك . قال : عندي آخر ؟ قال : أنفقه على خادمك . قال : عندي آخر ؟ . قال : أنت أعلم وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } . ثم قال : { وعلى الوارث مثل ذلك } . فأوجب على الأب نفقة الرضاع ، ثم عطف الوارث عليه ، فأوجب على الوارث مثل ما أوجب على الوالد .
وروي { } رواه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أبر ؟ قال : أمك وأباك ، وأختك وأخاك . وفي لفظ : ومولاك الذي هو أدناك ، حقا واجبا ، ورحما موصولا . أبو داود . وهذا نص ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم ألزمه الصلة والبر والنفقة من الصلة ، جعلها حقا واجبا ، وما احتج به حجة عليه ، فإن اللفظ عام في كل ذي رحم فيكون حجة عليه في [ ص: 174 ] عداد الرحم المحرم ، وقد اختصت بالوارث في الإرث فكذلك في الإنفاق . أبو حنيفة
وأما خبر أصحاب ، فقضية في عين ، يحتمل أنه لم يكن له غير من أمر بالإنفاق عليه ; ولهذا لم يذكر الوالد والأجداد وأولاد الأولاد . وقولهم : لا يصح القياس . قلنا : إنما أثبتناه بالنص ، ثم إنهم قد ألحقوا أولاد الأولاد بالأولاد ، مع التفاوت ، فبطل ما قالوه . إذا ثبت هذا ، فإنه يختص بالوارث بفرض أو تعصيب ، لعموم الآية ، ولا يتناول ذوي الأرحام ، على ما مضى بيانه ، فإن كان اثنان يرث أحدهما الآخر ولا يرثه الآخر ، كالرجل مع عمته أو ابنة عمه وابنة أخيه ، والمرأة مع ابنة بنتها وابن بنتها ، فالنفقة على الوارث دون الموروث . نص عليه الشافعي ، في رواية أحمد ، فقال : ابن زياد . يلزم الرجل نفقة بنت عمه ، ولا يلزمه نفقة بنت أخته
وذكر أصحابنا رواية أخرى لا تجب النفقة على الوارث هاهنا ; لقول : العمة والخالة لا نفقة لهما . إلا أن أحمد قال : هذه الرواية محمولة على العمة من الأم فإنه لا يرثها ; لكونه ابن أخيها من أمها . وقد ذكر القاضي ، أن على الرجل نفقة معتقه ; لأنه وارثه . ومعلوم أن المعتق لا يرث معتقه ، ولا تلزمه نفقته . فعلى هذا ، يلزم الرجل نفقة عمته لأبويه أو لأبيه وابنة عمه وابنة أخته كذلك ، ولا يلزمهن نفقته . وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى ; لقول الله تعالى : { الخرقي وعلى الوارث مثل ذلك } . وكل واحد من هؤلاء وارث .