فلا [ ص: 315 ] يعتبر أن يقول : أصلي الظهر فرضا أو معادة ، فيما إذا كانت معادة كما في مختصر المقنع ، كالتي قبلها ( ولا ) تشترط نية ( أداء في حاضرة ) لأنه لا يختلف المذهب أنه لو صلاها ينويها أداء فبان وقتها قد خرج أن صلاته صحيحة وتقع قضاء ، وكذلك لو نواها قضاء فبان فعلها في وقتها وقعت أداء . ( ولا ) تشترط نية ( فرضية في فرض )
قاله في الشرح إذا بان خلاف ظنه . ( ويصح قضاء بنية أداء )
( و ) يصح ( عكسه ) أي : ( إذا بان خلاف ظنه ) كما تقدم ، و ( لا ) يصح ذلك ( مع العلم ) وقصد معناه المصطلح عليه ، بغير خلاف ، لأنه متلاعب ( ولو كان عليه ظهران ) مثلا ( حاضرة وفائتة ، فصلاهما ، ثم ذكر أنه ترك شرطا ) أو ركنا ( في إحداهما لا يعلم عينها ) بأن لم يدر ، أهي الفائتة أو الحاضرة ( صلى ظهرا واحدة ينوي بها ما عليه ) لما تقدم من أنه لا يشترط نية الأداء في الحاضرة ، والقضاء في الفائتة . الأداء بنية القضاء
( ولو كان الظهران فائتتين فنوى ظهرا منهما ) ولم يعينها ( لم تجزه ) الظهر التي صلاها ( عن إحداهما حتى يعين السابقة ، لأجل ) اعتبار ( الترتيب ) بين الفوائت ( بخلاف المنذورتين ) فلا يحتاج إلى تعيين السابقة من اللاحقة ، لأنه لا ترتيب بينهما ( ولو ظن ) مكلف ( أن عليه ظهرا فائتة فقضاها في وقت ظهر اليوم ، ثم بان أنه لا قضاء عليه لم تجزه ) الظهر التي صلاها ( عن ) الظهر ( الحاضرة ) لأنه لم ينوها أشبه ما لو نوى قضاء عصر .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : { } ( وكذا لو نوى ظهر اليوم في وقتها وعليه فائتة ) لم تجزه عنها لما تقدم ( ولا يشترط إضافة الفعل إلى الله تعالى في العبادات كلها ) بأن يقول : أصلي لله أو أصوم لله ونحوه لأن العبادات لا تكون إلا لله ( بل يستحب ) ذلك خروجا من خلاف من أوجبه وإنما لكل امرئ ما نوى إما مقارنة لها أو متقدمة عليها بيسير ومقارنتها للتكبير بأن يأتي بالتكبير عقب النية . ( ويأتي بالنية عند تكبيرة الإحرام )
وهذا ممكن لا صعوبة فيه ، بل عامة الناس إنما يصلون هكذا .
وأما تفسير المقارنة : بانبساط أجزاء النية على أجزاء التكبير ، بحيث يكون أولها مع أوله وآخرها مع آخره فهذا لا يصح لأنه يقتضي عزوب النية عن أول الصلاة ، وخلو أول الصلاة عن النية الواجبة وتفسيرها بحضور جميع النية مع حضور جميع أجزاء التكبير ، فهذا قد نوزع في إمكانه فضلا عن وجوبه ولو قيل بإمكانه فهو متعسر ، فيسقط بالحرج وأيضا فما يبطل هذا والذي قبله أن المكبر ينبغي له أن يتدبر التكبير ويتصوره فيكون قلبه مشغولا بمعنى التكبير لا بما يشغله عن ذلك من استحضار المنوي .
ذكره في الاختيارات [ ص: 316 ] ( والأفضل مقارنتها ) أي النية للتكبير خروجا من خلاف من أوجبه ، كالآجري وغيره ( فإن تقدمت ) النية ( عليه ) أي : التكبير ( بزمن يسير بعد دخول الوقت في أداء وراتبة ولم يفسخها ) أي : النية وكان ذلك ( مع بقاء إسلامه ) بأن لم يرتد ( صحت ) صلاته لأن تقدم النية على التكبير بالزمن اليسير لا يخرج الصلاة عن كونها منوية .
ولا يخرج الفاعل عن كونه ناويا مخلصا كالصوم ، ولأن النية من شروط الصلاة ، فجاز تقدمها كبقية الشروط ; ولأن في اعتبار المقارنة حرجا ومشقة فوجب سقوطه لقوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج } ولأن أول الصلاة من أجزائها فكفى استصحاب النية فيه كسائرها وعلم مما تقدم : أن النية لو تقدمت قبل وقت الأداء أو الراتبة ولو بيسير لم يعتد بها ، للخلاف في كونها ركنا للصلاة وهو لا يتقدم كبقية الأركان وأول من اشترط لتقدم النية كونه في وقت المنوية : وتبعه على ذلك الخرقي ابن الزاغوني وولده والقاضي أبو يعلى أبو الحسين وصاحب الرعاية والمستوعب ، والحاويين وجزم به في الوجيز وغيره .
ولم يذكر هذا الشرط أكثر الأصحاب فإما لإهمالهم أو بناء منهم على الغالب قال في الإنصاف : وظاهر كلام غيرهم ، أي : غير من تقدم : الجواز ، لكن لم أر الجواز صريحا وعلم منه أيضا : أنه إذا فسخها لم يعتد بها لأنه صار كمن لم ينو وعلم منه أيضا : أنه إذا ارتد لم يعتد بها لأن الردة في أثناء العبادة مبطلة لها ، كما لو ارتد في أثناء الصلاة إذا تقرر ذلك ، فإنها تصح مع التقدم بالزمن اليسير بشرطه ( حتى ولو تكلم بعدها ) أي : النية ( وقبل التكبير ) لأن الكلام لا ينافي العزم المتقدم ولا يناقض النية المتقدمة ، فتستمر إلى أن يوجد مناقض ( وكذا لو أتى بها ) أي : النية ( قاعدا ) في الفرض ( ثم قام ) فكبر لأن الواجب استحضار النية عند دخوله في الصلاة ، لا أن لا تتقدم .
وكذا لو نوى الصلاة وهو غير مستقبل ، ثم استقبل وصلى أو وهو مكشوف العورة ، ثم سترها ودخل في الصلاة ، أو وهو حامل نجاسة ثم ألقاها ودخل في الصلاة ( ويجب استصحاب حكمها ) أي النية ( إلى آخر الصلاة ) بأن لا ينوي قطعها دون استصحاب ذكرها فلو ذهل عنها أو عزبت عنه في أثناء الصلاة لم تبطل ، لأن التحرز من هذا غير ممكن ، وقياسا على الصوم وغيره .
وقد روى في الموطأ عن النبي صلى الله عليه وسلم { مالك } وإن أمكنه استصحاب ذكرها فهو أفضل ( فإن قطعها ) أي : النية ( في أثنائها ) أي الصلاة بطلت لأن النية شرط في جميعها وقد قطعها أشبه ما لو سلم ينوي الخروج منها ( أو عزم عليه ) أي : على قطع النية بطلت لأن النية عزم جازم ، ومع العزم على قطعها لا جزم فلا نية ( أو تردد فيه ) أي : في قطعها بطلت الصلاة ، لأن استدامة النية شرط لصحتها ، ومع التردد تبطل الاستدامة ( أو شك ) في أثناء الصلاة ( هل نوى فعمل مع الشك عملا ) من أعمال الصلاة ، كركوع وسجود ورفع منهما وقراءة وتسبيح ونحوها ( ثم ذكر أنه نوى ) بطلت صلاته ، لخلو ما عمله عن نية جازمة ( أو شك في تكبيرة إحرام ) بطلت ، بمعنى وجب عليه استئناف الصلاة لأنه لا يدخل في الصلاة إلا بتكبيرة الإحرام . إذا أقيمت الصلاة أدبر الشيطان وله [ ص: 317 ] حصاص فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا ، حتى يضل أحدكم أن يدري كم صلى
والأصل عدمها ( أو شك هل أحرم بظهر أو عصر ) أي شك في تعيين الصلاة ( ثم ذكر فيها ) أي : بعد أن عمل مع الشك عملا فعليا أو قوليا بطلت صلاته ، لخلو ما عمله عن نية جازمة ( أو نوى أنه سيقطعها ) أي : النية ( أو علقه ) أي : قطع النية ( على شرط ) كأن نوى إن جاء زيد قطعها ( بطلت ) صلاته لمنافاة ذلك للجزم بها ( وإن شك هل نوى ) الصلاة ( فرضا أو نفلا أتمها نفلا ) لأن الأصل عدم نية الفرض ( إلا أن يذكر أنه نوى الفرض قبل أن يحدث عملا ) من أعمال الصلاة الفعلية والقولية ( فيتمها فرضا ) لأنه لم يخل عمل من أعمالها عن النية الجازمة ( وإن ذكره ) أي : ذكر أنه نوى الفرض ( بعد أن أحدث عملا بطل فرضه ) لخلو ما عمله عن نية الفرضية الجازمة .
( وإن أحرم بفرض ) صلاة ( رباعية ثم سلم من ركعتين يظنها جمعة أو فجرا أو التراويح ثم ذكر ) ولو قريبا ( بطل فرضه ) وظاهره : تصح نفلا ( ولم يبن ) على الركعتين ( نصا ) لقطع نية الرباعية بسلامه ظانا ما ذكر ( كما لو كان ) سلم منها ( عالما ) لقطع نية الصلاة ( وإن أحرم بفرض فبان عدمه ، كمن أحرم بفائتة فلم تكن عليه ، أو ) أحرم بفرض ف ( بان قبل ) دخول ( وقته انقلبت نفلا ) لأن نية الفرض تشمل نية النفل فإذا بطلت نية الفرض بقيت نية مطلق الصلاة .
( وإن كان عالما ) أن لا فائتة عليه أو أن الوقت لم يدخل ( لم تنعقد ) صلاته ( فيهما ) لأنه متلاعب ( وإن أحرم به ) أي : الفرض ( في وقته المتسع ثم قلبه نفلا لغرض صحيح مثل أن يحرم منفردا ثم يريد الصلاة في جماعة جاز ) لأن . نية النفل تضمنتها نية الفرض
فإذا قطع نية الفرض بقيت نية النفل ( بل هو ) أي : قلب الفرض من المنفرد نفلا ليصليه [ ص: 318 ] في جماعة ( أفضل ) من إتمامه منفردا ، لأنه إكمال في المعنى ، كنقض المسجد للإصلاح ( ويكره ) قلب الفرض نفلا ( لغير الفرض ) الصحيح ، لكونه أبطل عمله .
وعن فيمن صلى ركعة من فرض منفردا ، ثم أقيمت الصلاة : أعجب إلي يقطعه ويدخل معهم فعلى هذا يكون قطع النفل أولى ( وإن انتقل من فرض ) أحرم به كالظهر ( إلى فرض ) آخر كالعصر ( بمجرد النية من غير تكبيرة إحرام ) لفرض ( الثاني بطل فرضه الأول ) الذي انتقل عنه لقطعه نيته ( وصح ) ما صلاه ( نفلا إن استمر ) على نية الصلاة ، لأنه قطع نية الفرضية بنية انتقاله عن الفرض الذي نوى أولا ، دون نية الصلاة فتصير نفلا ( وكذا حكم ما يبطل الفرض فقط ، إذا وجد فيه ) أي : في الفرض فإنه يصير نفلا ( كترك القيام ) بلا عذر يسقطه ، فإن القيام ركن في الفرض دون النفل . أحمد
( و ) ك ( الصلاة في الكعبة والائتمام بمتنفل ، وائتمام مفترض بصبي ، إن اعتقد جوازه ) أي : جواز ما يبطل الفرض ( ونحوه ) أي : نحو اعتقاد جوازه ، كما لو اعتقد المتنفل مفترضا ، فتصح صلاته نفلا .
لأن الفرض لم يصح ولم يوجد ما يبطل النفل فإن لم يعتقد جوازه ونحوه ، بل فعله مع علمه بعدم جوازه لم تنعقد صلاته فرضا ولا نفلا ، لتلاعبه كمن أحرم بفرض قبل وقته عالما ( ولم ينعقد ) الفرض ( الثاني ) الذي انتقل إليه بمجرد النية من غير تكبيرة إحرام لأنها فتاحة ، ولم توجد ( وإن اقترن ) بنية الفرض ( الثاني تكبيرة إحرام له بطل ) الفرض ( الأول ) لقطعه نيته ( وصح ) الفرض ( الثاني ) كما لو لم يتقدمه غيره .