( فصل ومن حرم مكة ثم لجأ إليه أو قتل أو قطع طرفا أو أتى حدا خارج حرم مكة ( حربي أو مرتد لم يستوف ) الحد ( منه ) ولم يقتل ( فيه ) أي في حرم مكة فيحرم استيفاؤه منه حتى بدون قتل فيه لقوله تعالى : { لجأ إليه ) أي ومن دخله كان آمنا } أي فأمنوه فهو خبر أريد به الأمر ، ولأنه صلى الله عليه وسلم حرم سفك الدم بمكة ولقوله صلى الله عليه وسلم : { } ولقوله صلى الله عليه وسلم : { فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم الحرم } رواه إن أعدى الناس على الله من قتل في من حديث أحمد وحديث عبد الله بن عمر . ابن شريح
وقال : " لو وجدت قاتل ابن عمر في عمر الحرم ما سجنته " رواه . أحمد
( ولكن لا يبايع ولا يشارى ) لقول ( ولا يطعم ولا يسقى ولا يوكل ولا يشارب ) لأنه لو أطعم أو أوي لتمكن من الإقامة دائما فيضيع الحق ( ولا يجالس ولا يؤوى ) لما سبق ( ويهجر فلا يكلمه أحد حتى يخرج ) من ابن عباس الحرم ليستوفى منه الحق ( لكن يقال له : اتق الله واخرج إلى الحل ليستوفى منك الحق الذي قبلك ، فإذا خرج أقيم عليه الحد ) خارج الحرم روي عن عمر وابن عباس ( فإن استوفي ذلك ) الحد ونحوه ( منه ) أي ممن لجأ إلى وابن الزبير الحرم ( في الحرم فقد [ ص: 88 ] أساء ) لهتكه حرمة الحرم ( ولا شيء عليه ) لأنه لم يتجاوز ما وجب له ( وإن فعل ذلك ) أي قتل أو قطع طرفا أو أتى حدا أو ارتد ( في الحرم استوفي منه ) ما وجب بذلك ( فيه ) أي الحرم قال في المبدع بغير خلاف نعلمه .
روى عن الأثرم قال من أحدث حدثا في الحرم أقيم عليه ما أحدث فيه ولقوله تعالى : { ابن عباس ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام } الآية فأباح قتلهم عند قتالهم في الحرم ، ولأن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عن المعاصي حفظا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، ولو لم يشرع الحد فيه لتعطلت الحدود في حقهم وفاتت المصالح التي لا بد منها ( ولو قوتلوا في الحرم دفعوا عن أنفسهم فقط ) لقوله تعالى : { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام } قرئ بهما ذكر ابن الجوزي أن وغيره قالوا : الآية محكمة . مجاهدا
وفي التمهيد أنها نسخت بقوله : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } .
وفي الأحكام السلطانية تقاتل البغاة إذا لم يندفع بعضهم إلا به لأنه من حقوق الله وحفظها في حرمه أولى من إضاعتها وذكره الماوردي عن جمهور الفقهاء ونص عليه وحمل الخبر على ما يعم إتلافه كالمنجنيق إذا أمكن إصلاح بدون ذلك ، وذكر الشافعي ابن العربي لم تغلب فيها كفار أو بغاة وجب قتالهم بالإجماع .
وذكر الشيخ تقي الدين إن تعدى أهل مكة على الركب دفع الركب كما يدفع الصائل ، وللإنسان أن يدفع مع الركب بل يجب إن احتيج إليه ( وفي الهدي الطائفة الممتنعة بالحرم من مبايعة الإمام ، لا تقاتل لا سيما إن كان لها تأويل وأما حرم مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وسائر البقاع والأشهر الحرم وغيرها ) كرمضان ( فلا تمنع إقامة حد ولا قصاص ) لعموم الأدلة وعدم المخصص وأما قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام } الآية فتقدم الكلام فيها أو أنها منسوخة عند الجمهور ( لم يستوف منه في أرض العدو حتى يرجع إلى دار الإسلام ) لخبر ( ومن أتى حدا في الغزو أو ) أتى ( ما يوجب قصاصا ) في الغزو بشير بن أرطاة ، أنه أتي برجل في الغزاة قد سرق بختيه فقال : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } رواه لا تقطع الأيدي في الغزاة لقطعتك أبو داود وغيره قال في المبدع وهو إجماع الصحابة إذا رجع إلى دار الإسلام ( يقام [ ص: 89 ] عليه ) لعموم الآيات والأخبار وإنما أخر لعارض وقد زال .
أقيم عليه فيها ) قال في المبدع بغير خلاف لأنها من بلاد الإسلام والحاجة داعية إلى زجر أهلها كالحاجة إلى زجر غيرهم ( ( وإن أتى بشيء من ذلك ) أي حد أو قصاص ( في الثغور أقيم عليه إذا خرج ) من دار الحرب لما سبق ( تتمة ) الحد كفارة لذلك الذنب نص عليه للخبر . وإن أتى حدا في دار الإسلام ثم دخل دار الحرب أو أسر