[ ص: 141 ] ( فصل لقوله صلى الله عليه وسلم : { ويشترط للقطع ) في السرقة ( انتفاء الشبهة ) } ( فلا يقطع ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم وإن سفل ) لقوله صلى الله عليه وسلم : { بسرقة مال ولده } ( وسواء في ذلك الأب والأم والابن والبنت والجد والجدة من قبل الأم والأب ) لأن بينهم قرابة تمنع شهادة أحدهم للآخر فلم يقطع بالسرقة منه كالأب بسرقة مال ابنه . أنت ومالك لأبيك
( ولا ) قطع ( بسرقة ) ولد ( مال والده وإن علا ) لأن النفقة تجب للولد على الوالد في مال والده حفظا له فلا يجوز إتلافه لحفظه ماله ( ويقطع سائر ) أي باقي ( الأقارب بالسرقة من مال أقاربهم كالإخوة والأخوات ومن عداهم ) كالأعمام والأخوال لأن القرابة هنا لا تمنع قبول الشهادة من أحدهما على الآخر فلا تمنع القطع ولأن الآية والأخبار تعم كل سارق خرج منه عمود النسب فبقي ما عداهما على الأصل ( ولا يقطع العبد ) لما روى بسرقة مال سيده سعيد بإسناده عن : " أنه جاءه عمر عبد الله بن عمرو الحضرمي بغلام له فقال : إن غلامي قد سرق فاقطع يده : فقال : خادمكم أخذ مالكم " وكان ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكر فكان كالإجماع وقال عمر " لا أقطع ، مالك سرق مالك " . ابن مسعود
وروى عن ابن ماجه : { ابن عباس } ( وأم الولد والمدبر والمكاتب كالقن ) في عدم القطع بسرقة مال السيد لأنهم ملكه كالقن ( ولا سيد المكاتب بسرقة ماله ) للشبهة لأنه يملك تعجيزه في الجملة ( وكل من لا يقطع الإنسان بسرقة ماله لا يقطع عبده بسرقة ماله كآبائه وأولاده وغيرهم ) كزوجاته أن عبدا من رقيق الخمس سرق من الخمس فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه وقال : مال الله سرق بعضه بعضا ونحو ذلك لقيام الشبهة فلا يقطع عبد بسرقة مال أحد من عمودي نسب سيده ولا من مال زوج سيدته لقول ( ولا ) يقطع ( مسلم بسرقته من بيت المال ) عمر : " من سرق من بيت المال فلا ما من أحد إلا وله في هذا المال حق وروى وابن مسعود سعيد عن " ليس على من سرق من بيت المال قطع [ ص: 142 ] ( ولو ) كان السارق من بيت المال ( عبدا إن كان سيده مسلما ) لأنه لا يقطع بسرقة مال سيده فلا يقطع به سيده . علي
( ولا ) يقطع كالمال المشترك بينه وبين شريكه لأنه إذا لم يقطع الأب بسرقة مال ابنه لكون أن له فيه شبهة فلئلا يقطع بالسرقة من مال شريكه من باب أولى ( أو ) بسرقة من مال ( لا حد ممن لا يقطع بالسرقة منه ) فيه شرك مشترك كمال لأبيه أو لابنه لأن له فيه شبهة ( ولا ( بالسرقة من مال له فيه شرك ) ) أي السارق ( فيها حق أو لولده ) فيها حق ( أو لوالده ) فيها حق ( أو ) ل ( سيده ) فيها حق . بالسرقة من غنيمة له
( وإن لم يكن من الغانمين ولا من أحد ممن ذكرنا ) بأن لم يكن والدا ولا ولدا لأحد الغانمين ونحوهما ( فسرق منها ) أي الغنيمة ( قبل إخراج الخمس لم يقطع ) لأن لبيت المال فيها حقا وهو خمس الخمس وذلك شبهة فيدرأ بها الحد ( وإن أخرج الخمس ) من الغنيمة ( فسرق ) السارق ( من أربعة الأخماس قطع ) حيث لم يكن له ولا لولده ولا والده ونحوه فيها حق لعدم الشبهة ( وإن سرق من الخمس لم يقطع ) لأن له فيه حقا ( وإن قسم الخمس خمسة أقسام فسرق من خمس الله ورسوله لم يقطع ) لأنه من جملة مستحقيه ( وإن سرق من غيره ) من أربعة أخماس الخمس ( قطع ) لأن لا شبهة له فيه ( إلا أن يكون من أهل ذلك الخمس ) كمسكين سرق من خمس المساكين وهاشمي سرق من خمس ذوي القربى .
( ولو من محرز عنه ) رواه ولا يقطع أحد الزوجين بسرقته من مال الآخر سعيد عن بإسناد جيد ولأن كلا منهما يرث صاحبه بغير حجب ويتبسط بماله أشبه الولد والوالد وكما لو منعها نفقتها ( ويقطع المسلم بالسرقة من مال الذمي والمستأمن ) لأن مالهما محترم بالأمان وللذمة بدليل أنه يجب الضمان بإتلافه عمر لأنه إذا قطع المسلم بسرقة مالهما فلأن يقطعا بسرقة ماله بطريق الأولى و ( كقود وحد قذف ) نص عليهما ( وضمان متلف ) مالي وأرش جناية عليه ( وإن زنى المستأمن بغير مسلمة لم يقم عليه الحد نصا ) لأنه لم يلتزم حكمنا بخلاف الذمي ( كحد خمر وتقدم في باب حد الزنا ) فإن زنى بمسلمة قتل لنقضه العهد . ( ويقطعان ) أي الذمي والمستأمن ( بسرقة ماله ) أي المسلم
( ويقطع المرتد إذا سرق ) ثم عاد إلى الإسلام فإن قتل للردة اكتفي بقتله كما تقدم هذا ما ظهر لي في الجمع بينهما ( فإن قال السارق الذي أخذته ملكي كان عنده وديعة أو رهنا أو ابتعته منه أو وهبه لي وأذن لي في أخذه أو ) أذن لي ( في الدخول إلى حرزه أو غصب مني أو ) غصبه ( من أبي أو ) قال ( بعضه لي فالقول قول المسروق [ ص: 143 ] منه مع يمينه ) لأنه واضع اليد حكما والظاهر خلاف ما ادعاه السارق ( فإن حلف سقط دعوى السارق ) أنه ملكه ونحوه لحديث { } ( ولا قطع عليه ) أي السارق ( ولو كان معروفا بالسرقة لأن صدقه محتمل ) فيكون شبهة في درء الحد وسماه البينة على المدعي واليمين على من أنكر السارق الظريف ( وإن نكل ) المسروق منه عن الحلف ( قضي عليه ) بالنكول لما يأتي في القضاء . الشافعي