باب الذكاة قال الذكاة تمام الشيء ومنه الذكاة في السن وهو تمام السن وسمي الذبح ذكاة لأنه إتمام الزهوق وأصل ذلك قوله تعالى { الزجاج إلا ما ذكيتم } أي أدركتموه وفيه حياة فأتممتموه ثم استعمل في الذبح سواء كان بعد جرح سابق أو ابتداء يقال : ذكى الشاة ونحوها تذكية أي ذبحها والاسم الذكاة فالمذبوح ذكي فعيل بمعنى مفعول .
( وهي ) أي الذكاة شرعا من حيوان يعيش في البر لا جراد ونحوه ) كالجندب والدبا بوزن عصا الجراد يتحرك قبل أن تثبت أجنحته ( بقطع حلقوم ومريء ) ويأتي بيانهما ( أو عقر إذا تعذر ) قطع الحلقوم والمريء ( ( ذبح ) مقدور عليه ( أو نحر مقدور عليه مباح أكله إن كان مما يعيش في البر ) لقوله تعالى { فلا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه من الصيد والأنعام والطير إلا بالذكاة إلا ما ذكيتم } ولأن الله تعالى حرم الميتة وهي ما زهقت نفسه بسبب غير مباح أو ليس بمقصود وما لم يذك فهو ميتة فيحرم لذلك ( إلا الجراد وشبهه ) كالجندب فيحل .
( ولو مات بغير سبب من كبس وتغريق فأما فيباح بغير ذكاة سواء صاده إنسان أو نبذه البحر أو جزر الماء عنه ) ( أو حبس في الماء بحظيرة حتى يموت أو ذكاه أو عقره في الماء أو خارجه أو طفا عليه ) أي على الماء لعموم حديث السمك [ ص: 204 ] وشبهه ) من حيوانات البحر ( مما لا يعيش إلا في الماء مرفوعا قال { ابن عمر } رواه أحل لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال أحمد وابن ماجه . والدارقطني
( وما ككلب الماء وطيره وسلحفاة وسرطان ونحو ذلك لم يبح المقدور عليه منه إلا بالتذكية ) لأنه لما كان يعيش في البر ألحق بحيوان البر احتياطا قال كان مأواه البحر وهو يعيش في البر كلب الماء نذبحه ولا أرى بالسلحفاة بأسا إذا ذبح أما السلحفاة البرية فنقل أحمد الدميري عن الرافعي أنه رجح التحريم لأنها خبيثة لأنها تأكل الحيات ونقل عن أنه قال : بحلها برية كانت أو بحرية . ابن حزم