وفي مختصر المدارك قال : سأل رجل عن شيء من مالكا فغضب وقال : إن علم الباطن لا يعرفه إلا من عرف الظاهر فإنه متى عرفه وعمل به فتح الله له علم الباطن ولا يكون ذاك إلا مع فتح القلب وتنويره ثم قال للرجل : عليك بالدين المحض وإياك وبنيات الطرق وعليك بما تعرف واترك ما لا تعرف وقال رضي الله عنه : علم الباطن حسن لمن رزق خيره وهو قسم من قسم الله عز وجل ولكن انظر ما يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فالزمه وقال : ليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو نور يضعه الله في القلوب ، وقال : طلب العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي رواه الناس ، وقال شر العلم : أد ما سمعت وحسبك ولا تحمل لأحد على ظهرك فإنه كان يقال : أخسر الناس من باع آخرته بدنياه وأخسر منه لابن وهب . من باع آخرته بدنيا غيره
وقيل ينبغي للرجل إذا خول علما وكان رأسا يشار إليه بالأصابع أن يضع التراب على رأسه ويعتب نفسه إذا خلا بها ولا يفرح بالرئاسة فإنه إذا اضطجع في قبره وتوسد التراب ساءه ذلك كله وقال إن المسألة إذا سئل عنها الرجل فلم يجب واندفعت عنه فإنما هي بلية صرفها الله عنه وقال من صدق في حديثه منع بعقله ولم يصبه ما يصيب الناس من الهرم والخرف وقال لا يصلح الرجل حتى يترك ما لا يعنيه ويشتغل بما يعنيه فإذا فعل ذلك يوشك أن يفتح له قلبه ، وقال : ما زهد أحد فيها إلا أنطقه الله بالحكمة ، وقال : عليك قوله : ويدعوك إلى الآخرة فعله وإياك ومجالسة من يضلك قوله ويدعوك إلى الدنيا فعله . بمجالسة من يزيد في عملك
وقال له رجل : أوصني ، فقال : إذا هممت بأمر من طاعة الله فلا تحبسه فواقا حتى تمضيه فإنك لا تأمن الأحداث وإذا هممت بغير ذلك فإن استطعت أن لا تمضيه ولو فواقا فلعل الله يحدث لك تركه ولا تستحيي إذا دعيت لأمر ليس بحق أن تعمل الحق ، واقرأ : { والله لا يستحيي من الحق } وطهر ثيابك ونقها من معاصي الله وعليك بمعالي الأمور وكبارها واتق رذائلها وسفاسفها فإن الله يحب معالي الأخلاق وأكثر تلاوة القرآن واجتهد في الخير واذهب حيث شئت [ ص: 30 ]
وقال كثرة الكلام تمج العالم وتذله وتنقصه ، ومن عمل هذا ذهب بهاؤه ولا يوجد ذلك إلا في النساء والصغار ، وكان يقال : نعم الرجل فلان لولا أنه يتكلم كلام شهر في يوم ، وقال في شبهة خير من الحاجة إلى الناس وقال أهوال الدنيا ثلاثة : ركوب البحر وركوب فرس عري وتزويج حرة . طلب الرزق
وقال : أن تجيب كل من يسألك ولا تكن إماما بكل ما تسمع ، ومن إزالة العلم أن تنطق به قبل أن تسأل عنه . من إزالة العلم