مدنية [إلا آية 3 فنزلت بعرفات في حجة الوداع]
وهي مائة وعشرون آية [نزلت بعد الفتح]
بسم الله الرحمن الرحيم .
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد
يقال : وفى بالعهد وأوفى به ومنه : والموفون بعهدهم [البقرة : 177] ، والعقد : العهد الموثق ، شبه بعقد الحبل ونحوه ، قال الحطيئة [من البسيط] :
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا
وهي عقود الله التي عقدها على عباده وألزمها إياهم من مواجب التكليف ، وقيل : هي [ ص: 191 ] ما يعقدون بينهم من عقود الأمانات ويتحالفون عليه ويتماسحون من المبايعات ونحوها ، والظاهر أنها عقود الله عليهم في دينه من تحليل حلاله وتحريم حرامه وأنه كلام قدم مجملا ثم عقب بالتفصيل وهو قوله : أحلت لكم وما بعده . البهيمة : كل ذات أربع في البر والبحر ، وإضافتها إلى الأنعام للبيان ، وهي الإضافة التي بمعنى "من" كخاتم فضة ، ومعناه : البهيمة من الأنعام إلا ما يتلى عليكم : إلا محرم ما يتلى عليكم من القرآن ، من نحو قوله : حرمت عليكم الميتة وإلا ما يتلى عليكم آية تحريمه ، والأنعام : الأزواج الثمانية ، وقيل : "بهمية الأنعام" الظباء وبقر الوحش ونحوها كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس البهائم في الاجترار وعدم الأنياب ، فأضيفت إلى الأنعام لملابسة الشبه غير محلي الصيد نصب على الحال من الضمير في "لكم" أي : أحلت لكم هذه الأشياء لا محلين الصيد ، وعن أن انتصابه عن قوله : الأخفش أوفوا بالعقود وقوله : وأنتم حرم حال عن "محلي الصيد" ، كأنه قيل : أحللنا لكم بعض الأنعام في حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون ، لئلا نحرج عليكم إن الله يحكم ما يريد : من الأحكام ، ويعلم أنه حكمة ومصلحة ، والحرم : جمع حرام وهو المحرم .