قوله عز وجل:
قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالدعاء إليه، ورد الحكم إلى عدله، ومعنى هذا الأمر تضمن إجابة، و"اللهم" عند منادى، وكذلك عند الكوفيين، إلا أنه خالفهم في هذه الميم المشددة، فقال سيبويه : هي عوض من حرف النداء المحذوف إيجازا، وهي [ ص: 401 ] دلالة على أن ثم ما حذف، وقال الكوفيون: بل هو فعل اتصل بالمكتوبة، وهو "أم" ثم حذفت الهمزة تخفيفا، فكأن معنى اللهم: يا الله أم برحمتك وفضلك و"فاطر" منادى مضاف، أي: يا فاطر السماوات، و"الغيب": ما غاب عن البشر، و"الشهادة"; ما شاهدوه. سيبويه
ثم أخبر تعالى عن سوء حال الكفرة يوم القيامة، وأن ما ينزل بهم لو قدروا على الافتداء منه بضعف الدنيا بأسرها لفعلوا، وقوله تبارك وتعالى: وبدا لهم من الله الآية. أي: كانت ظنونهم في الدنيا متفرقة متنوعة حسب ضلالتهم وتخيلاتهم فيما يعتقدونه، فإذا عاينوا العذاب يوم القيامة وقصرت به حالاتهم ظهر لكل واحد خلاف ما كان يظن. وقال ; ويل لأهل الرياء من هذه الآية، وقال سفيان الثوري عكرمة بن عمار : جزع ابن المنكدر عند الموت، فقيل له: ما هذا؟ فقال: أخاف هذه الآية. وقوله: "وحاق" معناه: نزل وثبت ولزم، وقوله: ما كانوا هو على حذف مضاف، تقديره: وحاق بهم جزاء ما كانوا به يستهزئون.