وقال تعالى : فسبحان الله حين تمسون قيل فيه إنه وقت المغرب . وفي أخبار المواقيت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن عباس وجابر وأبي سعيد وغيرهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب في اليومين جميعا حين غابت الشمس . وقال : سلمة بن الأكوع . كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توارت بالحجاب
وقد ذهب شواذ من الناس إلى أن أول وقت المغرب حين يطلع النجم ، واحتجوا بما روى عن أبو تميم الجيشاني أبي بصرة الغفاري قال : . وهذا حديث شاذ لا تعارض به الأخبار المتواترة صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فقال : إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها ، فمن حافظ عليها منكم أوتي أجره مرتين ، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد ؛ والشاهد النجم عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول وقت المغرب أنه حين تغيب الشمس
؛ وقد روى ذلك أيضا عن جماعة من الصحابة منهم عمر وعبد الله وعثمان . ويحتمل أن يكون خبر وأبو هريرة أبي بصرة في ذكر طلوع الشاهد غير مخالف لهذه الأخبار وذلك ؛ لأن النجم قد يرى في بعض الأوقات بعد غروب الشمس قبل اختلاط الظلام ، فلما كان الغالب في ذلك أنه لا يكاد يخلو من أن يرى بعض النجوم بعد غروب الشمس جعل ذلك عبارة عن غيبوبة الشمس .
وأيضا فلو كان الاعتبار برؤية النجم لوجب أن تصلى قبل الغروب إذا رئي النجم ؛ لأن بعض النجوم قد يرى في بعض الأوقات قبل الغروب ، ولا خلاف أنه غير جائز فعلها قبل [ ص: 258 ] الغروب مع رؤية الشاهد ، فسقط بذلك اعتبار طلوع الشاهد .
وأما آخر وقت المغرب فإن أهل العلم مختلفون فيه ، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومالك والثوري : " لوقت المغرب أول وآخر كسائر الصلوات " . وقال والحسن بن صالح : " ليس للمغرب إلا وقت واحد " . ثم اختلف من قال بأن له أولا وآخرا في آخر وقتها ، فقال أصحابنا الشافعي والثوري : " آخر وقتها أن يغيب الشفق " . ثم اختلفوا في الشفق ، فقال والحسن بن صالح : " الشفق البياض " . وقال أبو حنيفة أبو يوسف ومحمد وابن أبي ليلى ومالك والثوري والحسن بن صالح : " الشفق الحمرة " . والشافعي
وقال : " وقت المغرب والعشاء إلى طلوع الفجر " . قال مالك : وقد اختلف أبو بكر السلف أيضا في الشفق ما هو ، فقال بعضهم : " هو البياض " وقال بعضهم : " الحمرة " . فممن قال إنه الحمرة ابن عباس وابن عمر وعبادة بن الصامت . وشداد بن أوس
حدثنا أبو يعقوب يوسف بن شعيب المؤذن قال : حدثنا أبو عمران موسى بن القاسم العصار والحسين بن الفرج البزاز قالا : حدثنا هشام بن عبيد الله قال : حدثنا هياج عمن ذكر عن عن عطاء الخراساني قال : " الشفق الحمرة " . ابن عباس
قال هشام : وحدثنا أبو سفيان عن العمري عن عن نافع قال : " الشفق الحمرة " . قال ابن عمر هشام : وحدثنا أبو سفيان عن العمري عن عن نافع قال : " كان ابن عمر عبادة بن الصامت يصليان العشاء إذا غابت الحمرة ويريانها الشفق " . فهؤلاء الذين روي عنهم الحمرة . وشداد بن أوس
وممن روي عنه أن الشفق البياض عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ؛ حدثنا وعمر بن عبد العزيز يوسف بن شعيب قال : حدثنا موسى بن القاسم والحسين بن الفرج قالا : حدثنا هشام بن عبيد الله قال : حدثنا قال : حدثنا الوليد بن مسلم عنبسة بن سعيد الكلاعي قال : حدثني عن قتادة أن سعيد بن المسيب كتب : " إن أول وقت العشاء مغيب الشفق " ، ومغيبه إذا اجتمع البياض من الأفق فينقطع ، فذلك أول وقتها . عمر بن الخطاب
قال هشام : حدثنا أبو عثمان عن خالد بن يزيد عن إسماعيل بن عبيد الله عن عن عبد الرحمن بن غنم قال : " الشفق البياض " . قال معاذ بن جبل هشام : وحدثنا عمن ذكر عن محمد بن الحسن أنه كان يقول : " الشفق البياض " . عمر بن عبد العزيز
فصل وأما الدلالة على أن لوقت المغرب أولا وآخرا وأنه غير مقدر بفعل الصلاة فحسب ، قوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقد ذكرنا من [ ص: 259 ] قال من السلف إنه الغروب واحتمال اللفظ له ، فاقتضت الآية أن يكون ؛ لأن قوله تعالى : لوقت المغرب أول وآخر إلى غسق الليل غاية ؛ وقد روي عن أن غسق الليل اجتماع الظلمة ، فثبت بدلالة الآية أن وقت المغرب من حين الغروب إلى اجتماع الظلمة ، وفي ذلك ما يقضي ببطلان قول من جعل لها وقتا واحدا مقدرا بفعل الصلاة . ابن عباس
وروى عن الأعمش أبي صالح عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي هريرة وفي حديث أول وقت المغرب حين تسقط الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق عن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أبي موسى . أن سائلا سأله عن مواقيت الصلاة ، فذكر الحديث وقال فيه : وصلى المغرب في اليوم الأول حين وقعت الشمس وآخرها في اليوم الثاني حتى كان عند سقوط الشفق ، ثم قال : الوقت فيما بين هذين
وفي حديث عن علقمة بن مرثد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم سليمان بن بريدة ؛ وكذلك في حديث أن رجلا سأله عن وقت الصلاة فقال : صل معنا فأقام المغرب حين غابت الشمس ، ثم صلى المغرب في اليوم الثاني قبل أن يغيب الشفق . فثبت بذلك أن لوقت المغرب أولا وآخرا . جابر
وحدثنا قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا معاذ بن المثنى محمد بن كثير قال : حدثنا همام عن عن قتادة أبي أيوب عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عبد الله بن عمرو . وقت المغرب ما لم يغب الشفق
وروى عن عروة بن الزبير قال : زيد بن ثابت . وهذا يدل على امتداد الوقت ، ولو كان الوقت مقدرا بفعل ثلاث ركعات لكان من قرأ : " المص " قد أخرها عن وقتها . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب بأطول الطول وهي المص
فإن قيل : روي في حديث ابن عباس وأبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب في اليومين جميعا في وقت واحد بعد غروب الشمس . قيل له : هذا لا يعارض ما ذكرنا ؛ لأنه جائز أن يكون فعله كذلك ليبين الوقت المستحب ؛ وفي الأخبار التي رويناها بيان أول الوقت وآخره ، وإخبار منه بأن ما بين هذين وقت ، فهو أولى ؛ لأن فيه استعمال الخبرين ، ومع ذلك فإن فعله لها في اليومين في وقت واحد لو انفرد عما يعارضه من الأخبار التي ذكرنا لم تكن فيه دلالة على أن لا وقت لها غيره ، كما لم يدل فعله للعصر في اليومين قبل اصفرار الشمس على أنه لا وقت لها غيره ، وكفعله للعشاء الآخرة في اليومين قبل نصف الليل لم يدل على أن ما بعد نصف الليل ليس بوقت لها .
ومن جهة النظر أن سائر الصلوات المفروضات لما كان لأوقاتها أول وآخر ولم تكن أوقاتها [ ص: 260 ] مقدرة بفعل الصلاة وجب أن يكون المغرب كذلك ؛ فقول من جعل الوقت مقدرا بفعل الصلاة خارج عن الأصول مخالف للأثر والنظر جميعا . ومما يلزم في هذا أنه يجيز الجمع بين المغرب والعشاء في وقت واحد إما لمرض أو سفر كما يجيزه بين الظهر والعصر ، فلو كان بينهما وقت ليس منهما لما جاز الجمع بينهما ، كما الشافعي . لا يجوز الجمع بين الفجر والظهر إذا كان بينهما وقت ليس منهما
فإن قيل : ليس علة الجمع تجاور الوقتين ؛ لأنه لا يجمع المغرب إلى العصر مع تجاور الوقتين .
قيل له : لم نلزمه أن يجعل تجاور الوقتين علة للجمع ، وإنما ألزمناه المنع من الجمع إذا لم يكن الوقتان متجاورين ؛ لأن كل والله أعلم بالصواب . صلاتين بينهما وقت ليس منهما لا يجوز الجمع بينهما
ذكر القول في الشفق والاحتجاج له . قال : لما اختلف الناس في الشفق ، فقال منهم قائلون : " هو الحمرة " وقال آخرون : " البياض " . علمنا أن الاسم يتناولهما ويقع عليهما في اللغة لولا ذلك لما تأولوه عليهما ؛ إذ كانوا عالمين بمعاني الأسماء اللغوية والشرعية ألا ترى أنهم لما اختلفوا في معنى القرء فتأوله بعضهم على الحيض وبعضهم على الطهر ثبت بذلك أن الاسم يقع عليهما ؟ وإنما نحتاج بعد ذلك إلى أن نستدل على المراد منهما بالآية . أبو بكر
وحدثنا أبو عمر غلام قال : سئل ثعلب عن الشفق ما هو ؟ فقال : البياض ؛ فقال له السائل : الشواهد على الحمرة أكثر ، فقال ثعلب : إنما يحتاج إلى الشاهد ما خفي فأما البياض فهو أشهر في اللغة من أن يحتاج إلى الشاهد . ثعلب
قال : ويقال إن أصل الشفق الرقة ، ومنه يقال ثوب شفق ، ومنه الشفقة وهي رقة القلب . وإذا كان أصله كذلك فالبياض أخص به ؛ لأنه عبارة عن الأجزاء الرقيقة الباقية من ضياء الشمس ، وهو في البياض أرق منه في الحمرة ؛ ويشهد لمن قال بالحمرة قول أبو بكر أبي النجم :
حتى إذا الشمس اجتلاها المجتلي بين سماطي شفق مهول
فهي على الأفق كعين الأحول
ومعلوم أنه أراد الحمرة ؛ لأنه وصفها عند الغروب . ومما يحتج به للبياض قوله تعالى : فلا أقسم بالشفق قال : " هو النهار " . مجاهدويدل عليه قوله : والليل وما وسق فأقسم [ ص: 261 ] بالليل والنهار ، فهذا يوجب أن يكون الشفق البياض ؛ لأن أول النهار هو طلوع بياض الفجر ، وهذا يدل على أن الباقي من البياض بعد غروب الشمس هو الشفق ومما يستدل به على أن المراد البياض قوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقد بينا أن الدلوك اسم يقع على الغروب ، ثم جعل غسق الليل غايته . وروي عن في غسق الليل : " أنه اجتماع الظلمة " وذلك لا يكون إلا مع غيبوبة البياض لأن البياض ما دام باقيا فالظلمة متفرقة في الأفق فثبت بذلك أن وقت المغرب إلى غيبوبة البياض ، فثبت أن المراد البياض . ابن عباس
فإن قيل : روي عن ابن مسعود أن غسق الليل هو غروب الشمس . قيل له : المشهور عن وأبي هريرة أن دلوك الشمس هو غروبها ، ومحال إذا كان الدلوك عنده الغروب أن يكون غسق الليل غروب الشمس أيضا ؛ لأن الله تعالى قال : ابن مسعود أقم الصلاة لدلوك الشمس فجعل الدلوك أول الوقت وغسق الليل آخره ، ويستحيل أن يكون ما جعله ابتداء هو الذي جعله غاية وإذا كان ذلك كذلك فالراوي عن أن غسق الليل هو غروب الشمس غالط في روايته ، ومع ذلك فقد روي عن ابن مسعود رواية مشهورة أن دلوك الشمس غروبها وأن غسق الليل حين يغيب الشفق ؛ وهذه الرواية مستقيمة على ما ثبت عنه من تأويل الآية . ابن مسعود
وقد روى عن ليث عن مجاهد : " أن دلوك الشمس حين تزول إلى غسق الليل حين تجب الشمس " ، وهذا غير بعيد على ما ثبت عنه في تأويل الدلوك أنه الزوال ؛ إلا أنه قد روى عنه ابن عباس عن مالك قال : أخبرني مخبر عن داود بن الحصين أنه كان يقول : " غسق الليل اجتماع الليل وظلمته " ، وهذا ينفي أن يكون غسق الليل وقت الغروب ، من قبل أن وقت الغروب لا يكون ظلمة مجتمعة . ابن عباس
وقد روي عن أبي جعفر في غسق الليل أنه انتصافه ، وعن إبراهيم : غسق الليل العشاء الآخرة . وأولى هذه المعاني بلفظ الآية اجتماع الظلمة وذهاب البياض وذلك ؛ لأنه لو كان غسق الليل هو غروب الشمس لكانت الغاية المذكورة للوقت هي وجود الليل فحسب ، فيصير تقدير الآية : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى الليل ؛ وتسقط معه فائدة ذكر الغسق مع الليل .
ولما وجب حمل كل لفظ منه على فائدة مجددة وجب أن يكون غسق الليل قد أفاد ما لم يفدناه لو قال : إلى الليل ؛ فتكون الفائدة فيه اجتماع الظلمة دون وجود الليل عاريا من اجتماعها .
ومما يستدل به على أن الشفق هو البياض حديث بشير بن أبي مسعود عن أبيه : أن ، فأخبر عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في أوائل أوقاتها ، وأخبر عنها في أواخرها ، وذكر في أول وقت العشاء الآخرة اسوداد الأفق ؛ ومعلوم أن بقاء البياض يمنع إطلاق الاسم عليه بذلك . النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء اليوم الأول حين اسود الأفق [ ص: 262 ] وربما أخرها حتى يجتمع الناس
فثبت أن أول وقت العشاء الآخرة غيبوبة البياض . ومن يأبى هذا القول يقول : إن قوله : " حين اسود الأفق " لا ينفي بقاء البياض ؛ لأنه إنما أخبر عن اسوداد أفق من الآفاق لا عن جميعها ، ولو أراد غيبوبة البياض لقال : حين اسودت الآفاق ؛ وليس يمتنع أن يبقى البياض وتكون سائر الآفاق غير موضع البياض مسودة .
ويحتج القائلون بالبياض أيضا بحديث عن الزهري عن عروة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ؛ وهذا اللفظ يحتمل من المعنى ما احتمله قوله في الحديث الأول " حين اسود الأفق " . كان يصلي العشاء الآخرة حين يستوي الأفق ، وربما أخرها حتى يجتمع الناس
ومما يحتج به القائلون بالحمرة ما روى ثور بن يزيد عن عن سليمان بن موسى عن عطاء بن أبي رباح قال : جابر بن عبد الله . قالوا : ومعلوم أنه لم يصلها قبل غيبوبة الحمرة ، فوجب أن يكون أراد البياض ؛ ولا تكون رواية من روى أنه صلاها بعدما غاب الشفق معارضة لحديث سأل رجل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة فقال : صل معي . فصلى في اليوم الأول العشاء الآخرة قبل غيبوبة الشفق هذا ، من قبل أن معناه : بعدما غاب الشفق الذي هو الحمرة ؛ إذ كان الاسم يقع عليهما جميعا ليتفق الحديثان ولا يتضادا ، ومن يجعل الشفق البياض يجعل خبر جابر منسوخا على نحو ما روي في خبر جابر في المواقيت أنه صلى الظهر في اليوم الثاني وقت العصر بالأمس . ابن عباس
ومما يحتج به القائلون بالحمرة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : . وفي بعض أخبار أول وقت المغرب إذا غربت الشمس وآخره غيبوبة الشفق : " إذا غابت الشمس فهو وقت المغرب إلى أن يغيب الشفق " وفي لفظ آخر : " وقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق " قالوا : فالواجب حمله على أولهما وهو الحمرة ؛ ومن يقول بالبياض يجيب عن هذا بأن ظاهر ذلك يقتضي غيبوبة جميعه وهو بالبياض ، فيدل ذلك على اعتبار البياض دون الحمرة ؛ لأنه غير جائز أن يقال قد غاب الشفق إلا بعد غيبوبة جميعه ، كما لا يقال غابت الشمس إلا بعد غيبوبة جميعها دون بعضها . عبد الله بن عمر
ولمن قال بالحمرة أن يقول : إن البياض والحمرة ليسا شفقا واحدا بل هما شفقان فيتناول الاسم أولهما غيبوبة ؛ كما أن [ ص: 263 ] الفجر الأول والثاني هما فجران وليسا فجرا واحدا ، فيتناولهما إطلاق الاسم معا كذلك الشفق . ومما يحتج به للقائلين بالبياض ، حديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم النعمان بن بشير ، وظاهر ذلك يقتضي غيبوبة البياض . قال كان يصلي العشاء لسقوط القمر الليلة الثالثة : وهذا لا يعتمد عليه ؛ لأن ذلك يختلف في الصيف والشتاء ولا يمتنع بقاء البياض بعد سقوط القمر في الليلة الثالثة ، وجائز أن يكون قد غاب قبل سقوطه . أبو بكر
قال : وحكى أبو بكر ابن قتيبة عن الخليل بن أحمد قال : راعيت البياض فرأيته لا يغيب ألبتة وإنما يستدير حتى يرجع إلى مطلع الفجر . قال : وهذا غلط ؛ والمحنة بيننا وبينهم ؛ وقد راعيته في البوادي في ليالي الصيف والجو نقي والسماء مصحية فإذا هو يغيب قبل أن يمضي من الليل ربعه بالتقريب ، ومن أراد أن يعرف ذلك فليجرب حتى يتبين له غلط هذا القول . أبو بكر
ومما يستدل به على أن المراد بالشفق البياض ، أنا وجدنا قبل طلوع الشمس حمرة وبياضا قبلها وكانا جميعا من وقت صلاة واحدة ؛ إذ كانا جميعا من ضياء الشمس دون ظهور جرمها ؛ كذلك يجب أن تكون الحمرة والبياض جميعا بعد غروبها من وقت صلاة واحدة ، للعلة التي ذكرناها .