قوله تعالى : ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون الآية هو عن طلبهم ولقائهم ؛ لأن الابتغاء هو الطلب ، يقال : بغيت وابتغيت إذا طلبت ، والوهن ضعف القلب والجبن الذي يستشعره الإنسان عند لقاء العدو . واستدعاهم إلى نفي ذلك واستشعار الجرأة والإقدام عليهم بقوله : حث على الجهاد وأمر به ونهي عن الضعف إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون فأخبر أنهم يساوونكم فيما يلحق من الألم بالقتال وأنكم تفضلونهم فإنكم ترجون من الله ما لا يرجون ، فأنتم أولى بالإقدام والصبر على ألم الجراح منهم ؛ إذ ليس لهم هذا الرجاء وهذه الفضيلة .
قوله تعالى : وترجون من الله ما لا يرجون قيل : فيه وجهان :
أحدهما : ما وعدكم الله من النصر إذا نصرتم دينه ، والآخر ثواب الآخرة ونعيم الجنة ؛ فدواعي المسلمين على التصبر على القتال واحتمال ألم الجراح أكثر من دواعي الكفار . وقيل فيه : وترجون من الله ما لا يرجون تؤملون من ثواب الله ما لا يؤملون ، روي ذلك عن الحسن وقتادة . وقال آخرون : وتخافون من الله ما لا يخافون ، كما قال تعالى : وابن جريج ما لكم لا ترجون لله وقارا يعني لا تخافون لله عظمة .
وبعض أهل اللغة يقول : لا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلا مع النفي وذلك حكم لا يقبل إلا بدلالة .