باب الوضوء بغير نية قوله تعالى : فاغسلوا وجوهكم يقتضي جواز سواء قارنته النية أو لم تقارنه وذلك لأن الغسل اسم شرعي مفهوم المعنى في اللغة ، وهو إمرار الماء على الموضع ، وليس هو عبارة عن النية . فمن شرط فيه النية فهو زائد في النص ، وهذا فاسد من وجهين : أحدهما : أنه يوجب نسخ الآية ؛ لأن الآية قد أباحت فعل الصلاة بوجود الغسل للطهارة من غير شرط النية ، فمن حظر الصلاة ومنعها إلا مع وجود نية الغسل فقد أوجب نسخها ، [ ص: 336 ] وذلك لا يجوز إلا بنص مثله . الصلاة بوجود الغسل
والوجه الآخر : أن النص له حكمه ولا يجوز أن يلحق به ما ليس منه ، كما لا يجوز أن يسقط منه ما هو منه .
فإن قيل : فقد شرطت في صحة الصلاة النية مع عدم ذكرها في اللفظ قيل له : إنما جاز ذلك فيها من وجهين : أحدهما : أن الصلاة اسم مجمل مفتقر إلى البيان غير موجب للحكم بنفسه إلا ببيان يرد فيه ، وقد ورد فيه البيان بإيجاب النية فلذلك أوجبناها ؛ وليس كذلك الوضوء لأنه اسم شرعي ظاهر المعنى بين المراد ، فمهما ألحقنا به ما ليس في اللفظ عبارة عنه فهو زيادة في النص ولا يجوز ذلك إلا بنص مثله . والوجه الآخر : اتفاق الجميع على إيجاب النية فيها ، فلو كان اسم الصلاة عموما ليس بمجمل لجاز إلحاق النية بها بالاتفاق ، فهي إذا كانت مجملا أجري بإثبات النية فيها من جهة الإجماع .