قوله تعالى: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم الآية (243):
قد قيل: إنهم فروا من الطاعون .
وقيل: إنهم فروا من القتال.
وقد كره قوم الفرار من الطاعون والوباء والأراضي السقيمة.
وقصة في خروجه إلى عمر الشام مع معروفة، وفيها أنه رجع، وروى أبي عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عبد الرحمن بن عوف فحمد "إذا سمعتم أن الطاعون في أرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارا منه"، الله تعالى وانصرف. عمر
وبالجملة، الفرار منه يجوز أن يكره، لما فيه من تخلية البلاد، ولا [ ص: 220 ] تخلو من مستضعفين يصعب عليهم الخروج منها، ولا يتأتى لهم ذلك، ويتأذون بخلو البلاد عن المياسير الذين كانوا أركانا للبلاد، ومغوثة للمستضعفين .
وإذا كان الوباء بأرض فلا يدخلها، لئلا يلحقه الغموم والكرب في المقام مع الوجل الذي لا يخلو منه الإنسان، وذلك يشغله عن مهمات دينه ودنياه.
ولما عزم على الرجوع فقال له عمر أبو عبيدة:
أفرارا من قدر الله؟ .. فقال له عمر:
لو غيرك يقولها يا نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كانت لك إبل فهبطت بها واديا له عدوتان، إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيتها الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيتها الجدبة رعيتها بقدر الله؟ .. أبا عبيدة
ولا نعلم خلافا في أن الكفار أو قطاع الطريق، إذا قصدوا بلدة ضعيفة لا طاقة لأهلها بالقاصدين فلهم أن يتنحوا من بين أيديهم، وإن كانت الآجال المقدرة لا تزيد ولا تنقص ...