[ ص: 187 ] قوله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين الآية (233).
إلى قوله: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف (233).
وذلك يدل على جواز سواء كانت مطلقة أو مزوجة. استئجار الأم على إرضاع ولدها،
وعندنا الأم إذا امتنعت من إرضاع ولدها إلا بأجرة ومؤونة، فيجوز لها ذلك، والأب يستأجرها.
وإذا رضيت الأم بما ترضى به الأجنبية، فلا تضار والدة بولدها في انتزاعه منها، فلا يكون للزوج انتزاع الولد منها، إذا رضيت بأن ترضعه بأجرة مثلها، وهي الرزق والكسوة بالمعروف، وإن لم يرض.
ولماقال: والوالدات يرضعن أولادهن جعلن أحق بحضانة الولد، وذلك يدل على أن لأن حاجة الولد بعد الرضاع إلى من يحضنه، كحاجته إلى من يرضعه، فإذا كانت في حالة الرضاع أحق به، وإن كانت المرضعة غيرها، علمنا أن في كونه عند الأم حقا لها وللولد جميعا، وهو أن الأم أرفق وأحنى عليه، فإذا بلغ سن التمييز -وهو السن الذي يؤمر بالصلاة فيه، وذلك يدل على التمييز [ ص: 188 ] والعقل- فيخير بين أبويه، فإن في تلك الحالة تتحرك همته لتعلم القرآن والأدب ووظائف العبادات، وذلك يستوي فيه الغلام والجارية، خلافا الأصل في الحضانة الأم، فإنه جعل الأم أولى بالجارية إلى الحيض والبلوغ، لحاجتها -بخلاف الغلام- إلى آداب النساء، وهذا بعيد، فإن الحاجة إلى الوظائف والفرائض الدينية أصلية، وآداب النساء قريبة، وليست الحاجة إليها ضرورية، وهي قليلة يمكن تحصيلها في مدة يسيرة، ومع ذلك فهيبة الأب تكفها عن المساوئ، وليس للنساء مثل هيبة الرجال، وفي المسألة أخبار لا تتعلق بمعاني القرآن، فتركنا ذكرها .. لأبي حنيفة،