[ ص: 149 ] ولما أخبر (تعالى) عن أحوال الكفار؛ السائلين في نزول الملائكة؛ بعد أن وهى شبههم؛ وأخبر عن توفي الملائكة لهم؛ ولأضدادهم المؤمنين؛ مشيرا بذلك إلى أن سنته جرت بأنهم لا ينزلون إلا لإنزال الروح من أمره؛ على من يختصه لذلك؛ أو لأمر فيصل؛ لا مهلة فيه؛ قال - منكرا عليهم -: هل ينظرون ؛ أي: هؤلاء الكفار؛ في تقاعسهم عن تصديق الرسل في الإخبار بما أنزل ربهم؛ وجرد الفعل إشارة إلى قرب ما ينتظرونه؛ إلا أن تأتيهم ؛ أي: بأمر الله؛ الملائكة ؛ وهم لا يأتونهم إلا بمثل ما أتوا به من قبلهم؛ ممن قصصنا أمرهم من الظالمين إن لم يتوبوا؛ أو يأتي أمر ربك ؛ أي: المحسن إليك؛ المدبر لأمرك؛ بأمر يفصل النزاع من غير واسطة ملك؛ أو غيره.
ولما كان هذا أمرا مفزعا؛ كان موجبا لمن له فهم أن يقول: هل فعل هذا أحد غير هؤلاء؟ فقيل: نعم؛ كذلك ؛ أي: مثل هذا الفعل البعيد - لبشاعته - عن مناهج العقلاء؛ مكرا في تدبير الأذى؛ [ ص: 150 ] واعتقادا؛ وقولا؛ فعل الذين ؛ ولما كان الفاعلون مثل أفعالهم؛ في التكذيب؛ لم يستغرقوا الزمان؛ أدخل الجار؛ فقال (تعالى): من قبلهم وما ؛ أي: والحال أنه ما ظلمهم الله ؛ أي: الذي له الكمال كله؛ في تقديره ذلك عليهم؛ لأنه المالك المطلق التصرف؛ والملك الذي لا يسأل عما يفعل؛ ولكن كانوا ؛ أي: جبلة؛ وطبعا؛ أنفسهم ؛ أي: خاصة؛ يظلمون ؛ فاستحقوا العقاب؛ لقيام الحجة عليهم؛ على السنن الذي جرت به عوائدكم؛ فيمن باشر سوءا من غير أن يكره عليه إكراها ظاهرا؛ وهذا بعينه هو العلة في إرسال الرسل؛ ونصب الشرائع؛ والملل؛