وقال السجزي في " الإبانة " وأئمتنا كالثوري ومالك وابن عيينة ، وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وابن المبارك والفضيل وأحمد وإسحاق : متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وأن علمه بكل مكان وأنه يرى يوم القيامة بالأبصار فوق العرش وأنه ينزل إلى سماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء .
فمن خالف شيئا من ذلك فهو منهم بريء وهم منه برآء .
وقال الشيخ عبد القادر في " الغنية " أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات - على وجه الاختصار - فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد صمد .
إلى أن قال : وهو بجهة العلو مستو على العرش محتو على الملك محيط علمه بالأشياء .
قال : ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان ; بل يقال : إنه في السماء على العرش .
إلى أن قال : وينبغي . إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش
قال : وكونه على العرش في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا تكييف .
وذكر الشيخ " نصر المقدسي " في " كتاب الحجة " عن ابن أبي حاتم قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة ؟ فقالا أدركنا العلماء في جميع [ ص: 223 ] الأمصار : حجازا وعراقا ومصر وشاما ويمنا ; فكان من مذاهبهم : أن
والقرآن كلام الله منزل ; غير مخلوق بجميع جهاته إلى أن قال : وإن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف . الإيمان قول وعمل يزيد وينقص .
أحاط بكل شيء علما .
وقال الشيخ نصر في أثناء الكتاب إن قال قائل قد ذكرت ما يجب على أهل الإسلام : من اتباع كتاب الله وسنة رسول الله ، وما أجمع عليه الأئمة والعلماء .
فاذكر مذهبهم وما أجمعوا عليه .
فالجواب : أن الذي أدركنا عليه أهل العلم ومن بلغني قوله من غيرهم .
فذكر مجمل " اعتقاد أهل السنة " وفيه : وأن الله مستو على عرشه بائن من خلقه .
كما قال : في كتابه .
وقال أبو الحسن الكجي الشافعي في " قصيدته المشهورة في السنة " :
عقيدتهم أن الإله بذاته على عرشه مع علمه بالغوائب
وقال القرطبي - صاحب التفسير الكبير - في قوله تعالى { ثم استوى على العرش الرحمن } قال هذه " مسألة الاستواء " وللعلماء فيها كلام .فذكر قول المتكلمين .
ثم قال : كان السلف الأول لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك .
بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله ، كما نطق به كتابه وأخبرت [ ص: 224 ] به رسله .
قال : ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة ، وإنما جهلوا كيفية الاستواء .
فإنه لا تعلم حقيقته .
ثم قال : - بعد أن حكى أربعة عشر قولا - وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار : أن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف .
بائن من جميع خلقه .
هذا مذهب السلف الصالح فيما نقله الثقات عنهم .
ولما اجتمعنا بدمشق وأحضر فيما أحضر كتب أبي الحسن الأشعري : مثل " المقالات " و " الإبانة " وأئمة أصحابه كالقاضي أبي بكر وابن فورك والبيهقي وغيرهم .
وأحضر كتاب " الإبانة " وما ذكر ابن عساكر في كتاب " تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري " وقد نقله بخطه أبو زكريا النووي .
وقال فيه : فإن قال قائل : قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة : فع رفونا قولكم الذي به تقولون .
قيل له : قولنا : التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث .
ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مجانبون ، لأنه الإمام الفاضل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين . أحمد بن حنبل
[ ص: 225 ] وذكر الاعتقاد الذي ذكره في " المقالات " عن أهل السنة ثم احتج على أبواب الأصول مثل " مسألة القرآن " " والرؤية " " والصفات "