( وللمجبر ) لموليته ( بغير إذنها ) كما له تزويجها بغير إذنها ، نعم يندب للوكيل استئذانها ويكفي سكوتها ( ولا يشترط تعيين الزوج ) للوكيل ( في الأظهر ) لأن وفور شفقته تدعوه أن لا يوكل إلا من يثق به وبنظره واختباره ، ولا ينافيه اشتراط تعيين [ ص: 243 ] الزوجة لمن وكله أن يتزوج له على المعتمد كما مر في الوكالة لأنه لا ضابط له هنا يرجع إليه وثم يتقيد بالكفء ويكفي تزوج لي من شئت وإحدى هؤلاء لأن عمومه الشامل لأفراده مطابقة ينفي الغرر بخلاف امرأة والثاني يشترط ذلك لاختلاف الأغراض باختلاف الأزواج ، وليس للوكيل شفقة تدعوه إلى حسن اختباره ، ورد بما مر ( ويحتاط الوكيل ) حتما عند الإطلاق ( فلا يزوج ) بمهر المثل وثم من يبذل أكثر منه : أي فيحرم عليه ذلك وإن صح العقد كما هو ظاهر ، بخلاف البيع فإنه يتأثر بفساد المسمى ولا كذلك النكاح ، ولا يزوج أيضا ( غير كفء ) فلو خطبها أكفاء متفاوتون لم يجز تزويجها ولم يصح بغير الأكفاء لأن تصرفه بالمصلحة وهي منحصرة في ذلك ، وإنما لم يلزم الولي ذلك لأن نظره أوسع من نظر الوكيل ففوض الأمر إلى ما يراه أصلح ، ولو استويا كفاءة وأحدهما متوسط والآخر موسر تعين الثاني فيما يظهر ، ولو التوكيل في التزويج جاز له تزويجها من غير الكفء كما لو قالت لوليها زوجني من شئت ( وغير المجبر ) كالأب في الثيب ( إن قالت له وكل وكل ) وله التزويج بنفسه ، فإن قالت له وكل ولا تزوجني بنفسك فسد الإذن لأنه صار للأجنبي ابتداء ، نعم إن دلت قرينة ظاهرة على أنها إنما قصدت إجلاله صح كما بحثه الأذرعي . قال لوكيله زوجها من شاءت فزوجها بغير كفء برضاها
ويؤخذ من هذه المسألة أنه لو قال جعلت إليك أن توكل عن نفسك في بيع هذه السلعة ولا تبعها بنفسك أنه لا يصح التوكيل ولا الإذن لأنه إذا لم يقدر على التصرف بنفسه لا يقدر أن يوكل عنه غيره ( وإن نهته ) عن التوكيل ( فلا ) يوكل عملا بإذنها كما يراعي إذنها في أصل التزويج ( وإن قالت ) له ( زوجني ) وأطلقت فلم تأمره بتوكيل ولا نهته عنه ( فله التوكيل في الأصح ) لأنه بالإذن صار وليا شرعا : أي متصرفا بالولاية الشرعية فملك التوكيل عنه وبه فارق كون الوكيل لا يوكل إلا لحاجة ويلزم الاحتياط هنا نظير ما مر والثاني لا ، لأنه يتصرف بالإذن فلا يوكل إلا بإذن كالوكيل .
[ ص: 244 ] ورد بما مر ، وعلى الأول لا يشترط تعيين الزوج للوكيل كما مر ، فإن عينت في إذنها للولي شخصا وجب تعيينه للوكيل في التوكيل ، فإن أطلق فزوج ولو منه لم يصح لأن التفويض المطلق مع أن المطلوب معين فاسد ، وفارق التقييد بالكفء في حالة الإطلاق بأنه ساعده اطراد العرف العام وهو معمول به في العقود ، بخلاف التقييد بالمعين فإنه يقرب من التقييد بالعرف الخاص ، وهو لا يؤثر كبيع حصرم بلا شرط قطع في بلد عادتهم قطعه حصرما ، وبقولهم مع أن المطلوب معين مع الفرق المذكور يندفع ما قيل اعتراضا عليهم من أن عدم تعيين الزوج له لا يفسد الإذن إذ ليس فيه تصريح بالنكاح الممتنع بل إطلاق فكما يجوز هناك ويتقيد بالكفء فكذلك يجوز هنا ويتقيد بالمعين ، وإنما بطل لأنه إذن صريح في البيع الممتنع شرعا ، إذ أهل العرف إنما يستعملونه في الإذن في الغبن ، فليس هذا نظير ما نحن فيه وإنما نظيره أن يطلق للوكيل في بيع مال موليه ، والظاهر كما قاله السبكي أنه يصح ويتقيد بالمسوغ الشرعي ( ولو ) توكيل ولي الطفل في بيع ماله بما عز وهان ( لم يصح ) النكاح ( على الصحيح ) لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ فكيف يفوضه لغيره . ( وكل ) غير الحاكم ممن يتوقف على إذنها ( قبل استئذانها ) يعني إذنها ( في النكاح )
أما بعد إذنها وإن لم يعلم به حال التوكيل فإنه يصح كما بحثه الزركشي وهو ظاهر اعتبارا بما في نفس الأمر .
أما الحاكم فله تقديم إنابة من يزوج موليته بناء على الأصح أن استنابته في شغل معين استخلاف لا توكيل ولو ذكر له دنانير انصرفت للغالب وإلا وجب التعيين إن اختلف قيمتها كالبيع ، ومقابل الصحيح يصح لأنه يلي تزويجها بشرط الإذن فله تفويض ماله لغيره ، ولو لم يصح الإذن كما استظهره قالت للحاكم أذنت لأخي أن يزوجني فإن عضل فزوجني الزركشي ، أو فالأوجه بطلان الوكالة ، ولو وكيل المجبر رجلا ثم زالت البكارة بوطء قبل التزويج ، أو قال زوجنيها من أبيها فمات الأب وانتقلت الولاية للأخ مثلا لم يكن للوكيل تزويجها ممن صار وليا كما بحثه [ ص: 245 ] قال لوكيله في النكاح تزوج لي فلانة من فلان وكان فلان وليها لفسق أبيها ثم انتقلت الولاية للأب الزركشي أيضا ، ويصح لا توكيل الولي لمن يزوج موليته كذلك ، لأن تزويج الولي بالولاية الشرعية وتزويج الوكيل بالولاية الجعلية ، وظاهر أن الأولى أقوى من الثانية فيكتفى فيها بما لا يكتفى به في الجعلية ولأن باب الإذن أوسع من باب الوكالة كذا أفتى به إذنها لوليها أن يزوجها إذا طلقها زوجها وانقضت عدتها الوالد رحمه الله تعالى وما جمع به بعضهم بين ما ذكر في البابين يحمل عدم الصحة على الوكالة والصحة على التصرف إذ قد تبطل الوكالة ويصح تصرف مردود بأنه خطأ صريح مخالف للمنقول ( وليقل وكيل الولي ) للزوج ( زوجتك بنت فلان ) ابن فلان ويرفع نسبه إلى أن يتميز كما يؤخذ من كلام الجرجاني ثم يقول موكلي ، أو وكالة عنه مثلا إن جهل الزوج ، أو الشاهدان ، أو أحدهما وكالته عنه وإلا لم يحتج لذلك ، وكذا لا بد من تصريح الوكيل بها فيما يأتي إن جهلها الولي ، أو الشاهدان ، والأوجه الاكتفاء في العلم في كونه وكيلا بقوله ولا ينافيه ما مر من عدم الاكتفاء بإخبار الرقيق بأن سيده أذن له في التجارة لأنه متهم بإثبات الولاية لنفسه مع أن هذا بعينه جار في الوكيل لأن الوكيل لم تثبت وكالته بقوله بل إن العقد منه بطريق الوكالة الثابتة بغير قوله بخلاف الرقيق ( وليقل الولي لوكيل الزوج : زوجت بنتي فلانا ) ابن فلان كذلك ( فيقول وكيله قبلت نكاحها له ) وإنما احتيج في البيع لخطاب الوكيل لأنه يمكن وقوعه له ولا كذلك النكاح ، ومن ثم لو حذف قوله هنا له لم يصح لأن الشهود لا اطلاع لهم على النية [ ص: 246 ] وللوكيل أن يقبل ، أو لا كما ذكر مع التصريح بوكالته إن جهلت ثم يجيبه الولي ولا يرد عليه هذا للعلم به مما قدمه في الصيغة ولو كانا وكيلين قال وكيل الولي زوجت بنت فلان من فلان وقال وكيل الزوج ما ذكر ، يبطل النكاح بالكلية ، بخلاف البيع لوقوعه للوكيل كما مر ، ولو أراد الأب قبول نكاح لابنه محجوره فليقل له الولي زوجت فلانة بابنك فيقول الأب قبلت نكاحها لابني ، ولا يشترط في التوكيل بإيجاب النكاح ، أو قبوله ذكر المهر ، فإن لم يذكره الزوج عقد له وكيله على من تكافئه بمهر المثل فأقل ، فإن عقد بأزيد صح بمهر المثل كنظيره في الخلع خلافا لما في الأنوار ، وإن عقد وكيل الولي بدون ما قدره له صح بمهر المثل خلافا وإنكار الموكل في نكاحه للوكالة لابن المقري ، ويمكن حمل كلامه والأنوار في نفي الصحة على المهر لا النكاح وإن صح بمهر المثل خلافا لما في الأنوار كما مر نظيره ، ولو عقد وكيل الزوج بأكثر مما أذن له فيه صح وملكته المرأة في أوجه الوجهين كما اعتمده قال شخص لآخر زوجني فلانة بعبدك هذا مثلا ففعل الوالد رحمه الله تعالى تبعا للأذرعي ، وكان قرضا لا هبة فيما يظهر كما اقتضاه ما مر في الوكالة في اشتر لي عبد فلان بثوبك هذا .