في المقارض يقارض غيره قال : وقال : ولا يجوز للعامل أن يقارض غيره إلا بأمر رب المال . قال : [ ص: 643 ] وكذلك أيضا ، لا يجوز للعامل أن يشارك بالقراض ، إلا بأمر رب المال ; لأنه إذا جاز له أن يقارض بأمر رب المال جازت له الشركة . مالك
قال : وإذا فهو ضامن عند دفع إلى العامل المال قراضا على النصف ، فدفعه إلى غيره قراضا على الثلثين . فإن عمل الثاني به فربح ، فرب المال أولى بربح نصف جميع المال ، ويكون للمقارض الآخر النصف أيضا ، ويرجع المقارض الآخر على المقارض الأول بمثل سدس الربح ، يأخذه منه ضامنا عليه ; لأنه جعل له ثلثين فلم يتم له الثلثين ، فعليه أن يتم له ثلثي الربح . قال : وسمعت مالك ، وسئل عن مالكا قال رجل ساقى رجلا حائطا له على النصف ، فساقى المساقي رجلا آخر على الثلثين . : للمساقي الأول النصف يأخذه من حائطه ، ويتبع المساقي الآخر المساقي الأول بالسدس الذي بقي له ، فيأخذه منه ، فالقراض مثله قلت : فإن هلك بعض رأس المال قبل أن يدفعه إلى المقارض الآخر ، وربح الآخر ولم يكن علم بذلك ؟ قال : رب المال أولى برأس ماله الذي مع المقارض الآخر ، حتى يستوفي رأس ماله وربحه مما بقي بعد ذلك ، ثم يتبع المقارض الآخر المقارض الأول بما كان يصيبه من الربح ، على حساب المال الذي دفع إليه . قال : وتفسير ذلك : أن يكون مالك فإن رب المال يأخذ منها رأس ماله ثمانين ، ثم يأخذ نصف ما بقي من ربحه ، وهي عشرة دنانير ، إن كان قراضهما على النصف ، ويبقى للعامل الثاني في يده عشرة دنانير ، ثم يرجع العامل الثاني على الأول بعشرين ; لأن ربح المال كان ستين دينارا ، له منها ثلاثون ، فلم يبق في يديه إلا عشرة ، وبقيت له عشرون ، وهذا تفسير ما وصفت لك . رأس المال ثمانين دينارا ، فضاع منها عند المقارض الأول أربعون دينارا ، وبقي أربعون دينارا ، فدفعها إلى غيره قراضا ، فعمل فيها فصارت مائة .
وقد قال غيره : بل رأس المال في يد هذا الثاني أربعون ، ولا يحسب عليه ما لم يكن أخذ ، فإنما يأخذ رب المال منه ما دفع إليه وهو أربعون دينارا ، ونصف الربح وهو ثلاثون ، ويرجع رب المال على الأول فإن كان الأول أتلف الأربعين الأولى تعديا ، رجع رب المال عليه بتمام عشرة ومائة إليه ما أخذ ، وإن كانت الأربعون الأولى ، إنما تلفت بغير تعد منه ، رجع رب المال عليه بعشرين ، وفي يد رب المال سبعون ، فقد استوفى رأس ماله ، وربحه عشرة . ولا يرجع بهذه العشرين على العامل الثاني فيظلم عمله ، ولكن يرجع بها على الذي صيرها له ; لأنه لو عمل في المال لكان ما صار إلى العامل الثاني يجبر به رأس المال ، ولأن كل شيء يجلبه المال فالمال أولى به حتى يستوفي رأسه ، ولكن العامل الثاني لا يظلم عمله ولا يؤخذ منه ، ويكون الرجوع على المتعدي ، وهو الأول .