4449 [ ص: 578 ] 3 - باب: قوله: فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا [الكهف: 61]
سربا : مذهبا، يسرب: يسلك، ومنه وسارب بالنهار [الرعد: 10]
4726 - حدثنا أخبرنا إبراهيم بن موسى، أن هشام بن يوسف، أخبرهم قال: أخبرني ابن جريج يعلى بن مسلم، عن وعمرو بن دينار، -يزيد أحدهما على صاحبه، سعيد بن جبير وغيرهما قد سمعته يحدثه عن سعيد- قال إنا لعند في بيته، إذ قال: سلوني. قلت: أي ابن عباس أبا عباس -جعلني الله فداك- بالكوفة رجل قاص يقال له: نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل. أما فقال لي: قال: قد كذب عدو الله، وأما عمرو يعلى فقال لي: قال حدثني ابن عباس: قال: أبي بن كعب موسى رسول الله - عليه السلام - قال: ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون، ورقت القلوب ولى، فأدركه رجل، فقال: أي رسول الله، قيل: بلى. قال: أي رب، فأين؟ قال: بمجمع البحرين. قال: أي رب، اجعل لي علما أعلم ذلك به". فقال لي هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال: لا. فعتب عليه إذ لم يرد العلم إلى الله. عمرو قال: "حيث يفارقك الحوت". وقال لي يعلى قال: "خذ نونا ميتا حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتا فجعله في مكتل، فقال لفتاه: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت. قال ما كلفت كثيرا، فذلك قوله جل ذكره: موسى لفتاه وإذ قال [الكهف: 60]: يوشع بن نون -ليست عن سعيد- قال: فبينما هو في ظل صخرة في مكان ثريان، إذ تضرب الحوت، وموسى نائم، فقال فتاه: لا أوقظه. حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت، حتى دخل البحر فأمسك الله عنه
[ ص: 579 ] جرية البحر حتى كأن أثره في حجر -قال لي عمرو هكذا كأن أثره في حجر، وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما- لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا [الكهف: 62] قال: قد قطع الله عنك النصب -ليست هذه عن سعيد- أخبره، فرجعا فوجدا خضرا. قال لي عثمان بن أبي سليمان: على طنفسة خضراء على كبد البحر. قال مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه، وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه سعيد بن جبير: موسى، فكشف عن وجهه، وقال: هل بأرضي من سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: فما شأنك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت رشدا. قال: أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك؟ يا موسى، إن لي علما لا ينبغي لك أن تعلمه، وإن لك علما لا ينبغي لي أن أعلمه. فأخذ طائر بمنقاره من البحر، وقال: والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر. حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل هذا الساحل إلى أهل هذا الساحل الآخر عرفوه، فقالوا: عبد الله الصالح -قال: قلنا لسعيد: خضر؟ قال: نعم- لا نحمله بأجر. فخرقها ووتد فيها وتدا. قال موسى أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا [الكهف: 71]-قال منكرا- قال: مجاهد: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا [الكهف: 72]-كانت الأولى نسيانا، والوسطى شرطا، والثالثة عمدا- قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا [الكهف: 73]، لقيا غلاما فقتله [الكهف: 74]- قال يعلى: قال سعيد: وجد غلمانا يلعبون، فأخذ غلاما كافرا ظريفا فأضجعه، ثم ذبحه بالسكين. قال: أقتلت نفسا زكية بغير نفس [الكهف: 74] لم تعمل بالحنث -وكان قرأها: زكية زاكية مسلمة. كقولك: غلاما زكيا -فانطلقا، فوجدا جدارا يريد أن ينقض فأقامه- قال ابن عباس سعيد بيده: هكذا، ورفع يده فاستقام. قال يعلى: حسبت أن سعيدا قال: فمسحه بيده فاستقام، لو شئت لاتخذت عليه أجرا [الكهف: 77]- قال سعيد: أجرا نأكله.
[ ص: 580 ] وراءهم وكان [الكهف: 79]، وكان أمامهم -قرأها أمامهم ملك- يزعمون عن غير ابن عباس: سعيد أنه هدد بن بدد، والغلام المقتول اسمه -يزعمون: جيسور. ملك يأخذ كل سفينة غصبا [الكهف: 79]، فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها، فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم من يقول: سدوها بقارورة، ومنهم من يقول: بالقار، كان أبواه مؤمنين، وكان كافرا فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا [الكهف: 80]، أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة لقوله: أقتلت نفسا زكية [الكهف: 74] وأقرب رحما [الكهف: 81]: هما به أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية، وأما داود بن أبي عاصم فقال عن غير واحد: إنها جارية. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "