باب . قال الله - عز وجل - { ما يتم به الرهن من القبض فرهان مقبوضة } ( قال ) : فلما كان معقولا أن الرهن غير مملوك الرقبة للمرتهن ملك البيع ، ولا مملوك المنفعة له ملك الإجارة لم يجز أن يكون رهنا إلا بما أجازه الله - عز وجل - به من أن يكون مقبوضا ، وإذا لم يجز فللراهن ما لم يقبضه المرتهن منه منعه منه ، وكذلك لو أذن له في قبضه فلم يقبضه المرتهن حتى رجع الراهن في الرهن كان ذلك له ; لما وصفت من أنه لا يكون رهنا إلا بأن يكون مقبوضا ، وكذلك كل ما لم يتم إلا بأمرين فليس يتم بأحدهما دون الآخر مثل الهبات التي لا تجوز إلا مقبوضة ، وما في معناها . الشافعي
ولو لم يكن للمرتهن قبض الرهن ، وكان هو والغرماء فيه أسوة سواء ، ولو لم يمت الراهن ، ولكنه مات الراهن قبل أن يقبض المرتهن الرهن كان المرتهن والغرماء فيه أسوة ; لأنه لا يتم له ، ولو أفلس قبل أن يقبض المرتهن الرهن ، ولا سلطه على قبضه لم يكن للمرتهن قبض الرهن ، ولو أقبضه الراهن إياه في حال ذهاب عقله لم يكن له قبضه ، ولا يكون له قبض حتى يكون جائز الأمر في ماله يوم رهنه ويوم يقبضه الراهن إياه . خرس الراهن أو ذهب عقله قبل أن يقبض المرتهن الرهن
ولو فالرهن الأول لم يكن رهنا إلا بأن يجدد له رهنا ويقبضه إياه بعد أن يفك الحجر عنه ، وكذلك لو رهنه ، وهو غير محجور فلم يقبضه حتى حجر عليه لم يكن له قبضه منه . ولو رهنه إياه ، وهو محجور ثم أقبضه إياه ، وقد فك الحجر عنه فإن لم يقدر عليه حتى يموت الراهن أو يفلس فليس برهن ، وإن لم يقدر على قبضه حتى رجع الراهن في الرهن لم يكن للمرتهن له قبضه ، ولو رهنه عبدا فلم يقبضه حتى هرب العبد وسلطه على قبضه رهن بحاله إن تاب فهو رهن ، وإن قتل على الردة قتل بحق لزمه وخرج من ملك الراهن والمرتهن . رهنه عبدا فارتد العبد عن الإسلام فأقبضه إياه مرتدا أو أقبضه إياه غير مرتد فارتد فالعبد
ولو رهنه عبدا ، ولم يقبضه حتى رهنه من غيره وأقبضه إياه كان الرهن للثاني الذي أقبضه صحيحا ، والرهن الذي لم يقبض كما لم يكن . وكذلك لو رهنه إياه فلم يقبضه حتى أعتقه كان حرا خارجا من الرهن .
وكذلك لو كان خارجا من الرهن . وكذلك لو رهنه إياه فلم يقبضه حتى كاتبه كان خارجا من الرهن في هذا كله ( قال وهبه أو أصدقه امرأة أو أقر به لرجل أو دبره الربيع ) وفيه قول آخر أنه لو رهنه فلم يقبضه المرتهن حتى دبره أنه لا يكون خارجا من الرهن بالتدبير ; لأنه لو رهنه بعدما دبره كان الرهن جائزا ; لأن له أن يبيعه بعدما دبره فلما كان له بيعه كان له أن يرهنه .
( قال ) : ولو الشافعي كان لرب الرهن منعه من ورثته فإن شاء سلمه لهم رهنا ، ولو لم يمت المرتهن ، ولكنه غلب على عقله فولى الحاكم ماله رجلا فإن شاء الراهن منعه الرجل المولى ; لأنه كان له منعه المرتهن ، وإن شاء سلمه له بالرهن الأول كما كان له أن يسلمه للمرتهن ويمنعه إياه . ولو رهن رجل رجلا عبدا ، ومات [ ص: 143 ] المرتهن قبل أن يقبضه كانت خارجة من الرهن ; لأنها لم تقبض حتى حبلت فلم يكن له أن يرهنها حبلى منه . رهن رجل رجلا جارية فلم يقبضه إياها حتى وطئها ثم أقبضه إياها بعد الوطء فظهر بها حمل أقر به الراهن
وهكذا لو وطئها قبل الرهن ثم ظهر بها حمل فأقر به خرجت من الرهن ، وإن كانت قبضت ; لأنه رهنها حاملا ، ولو رهنه إياها غير ذات زوج فلم يقبضها حتى زوجها السيد ثم أقبضه إياها فالتزويج جائز ، وهي رهن بحالها ، ولا يمنع زوجها من وطئها بحال ، وإذا رهن الرجل الرجل الجارية فليس له أن يزوجها دون المرتهن ; لأن ذلك ينقص ثمنها ويمنع إذا كانت حاملا وحل الحق بيعها ، وكذلك المرتهن فأيهما زوج فالنكاح مفسوخ حتى يجتمعا عليه ، ولو أو غيره لم يكن مقبوضا . رهن رجل رجلا عبدا وسلطه على قبضه فآجره المرتهن قبل أن يقبضه من الراهن
( قال ) : أخبرنا الشافعي سعيد بن سالم عن أنه قال ابن جريج ارتهنت عبدا فآجرته قبل أن أقبضه قال ليس بمقبوض ( قال لعطاء ) ليس الإجارة بقبض ، وليس برهن حتى يقبض ، وإذا قبض المرتهن الرهن لنفسه أو قبضه له أحد بأمره فهو قبض كقبض وكيله له . الشافعي
( قال ) : أخبرنا الشافعي سعيد بن سالم عن عن ابن جريج عمرو بن دينار أنه قال : إذا ارتهنت عبدا فوضعته على يد غيرك فهو قبض .
( قال ) : وإذا الشافعي كقبض غير المحجور لنفسه ، وكذلك قبض الحاكم له ، وكذلك إن ارتهن ولي المحجور له أو الحاكم للمحجور فقبض الحاكم ، وقبض ولي المحجور للمحجور فقبضه له كقبض الرجل غير المحجور لنفسه وللراهن منع الحاكم وولي المحجور من الرهن ما لم يقبضاه ويجوز ارتهان ولي المحجور عليه له ورهنهما عليه في النظر له . وكل الحاكم من قبض للمحجور أو ، وكل ولي المحجور من يقبض له
وذلك أن يبيع لهما فيفضل ويرتهن . فأما أن يسلف مالهما ويرتهن فلا يجوز عليهما ، وهو ضامن ; لأنه لا فضل لهما في السلف ، ولا يجوز ، وإن كان نظرا له كما لا يجوز بيعه ، ولا شراؤه لنفسه ، وإن كان نظرا له . رهن المحجور لنفسه