الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 5 ] [ الكتاب الثاني ] مباحث السنة [ تعريف السنة لغة واصطلاحا ] . السنة لغة : الطريقة المسلوكة ، وأصلها من قولهم : سننت الشيء بالمسن إذا أمررته عليه ، حتى يؤثر فيه سننا أي طرائق . وقال إلكيا : معناها الدوام . فقولنا : سنة معناه الأمر بإدامته من قولهم : سننت الماء إذا واليت في صبه . قال الخطابي : أصلها الطريقة المحمودة ، فإذا أطلقت انصرفت إليها ، وقد تستعمل في غيره مقيدة ، كقولهم : من سن سنة سيئة ، وتطلق على الواجب وغيره في عرف اللغويين والمحدثين ، وأما في عرف الفقهاء فإنما يطلقونها على ما ليس بواجب ، وأطلقها بعض الأصوليين هنا على الواجب ، والمندوب ، والمباح ، وتطلق في مقابلة البدعة ، كقولهم : فلان من أهل السنة . قال ابن فارس في فقه العربية : وكره العلماء قول من قال : سنة [ ص: 6 ] أبي بكر وعمر ، وإنما يقال : فرض الله وسنته ، وسنة رسوله . وقال الدبوسي : ذكر أصحاب الشافعي أن السنة المطلقة عند صاحبنا تنصرف إلى سنة الرسول ، وأنه على مذهبه صحيح ; لأنه لا يرى اتباع الصحابي إلا بحجة ، كما لا يتبع من بعده إلا بحجة ، ويحتمل ; لأنه لم يبلغه استعمال السلف إطلاق السنة على طرائق العمرين والصحابة . وأما في الاصطلاح : فتطلق على ما ترجح جانب وجوده على جانب عدمه ترجيحا ليس معه المنع من النقيض ، وتطلق وهو المراد هنا : على ما صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم من الأقوال ، والأفعال والتقرير ، والهم ، وهذا الأخير لم يذكره الأصوليون ، ولكن استعمله الشافعي في الاستدلال .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية