ومن أعمال القلوب من الفقر والذل والمسكنة والخضوع والخشوع والغربة وعدم الجاه والمال : لأن الغنى بالمعارف والأحوال أفضل وألذ من الغنى بالجاه والأموال ، والبذل لله عز وجل ، والفقر غنى ، والغربة لأجله استيطان . احتقار ما حقره الله من الدنيا وأسبابها ، وتعظيم ما عظمه الله
لأن العبد إذا كان عند سيده فهو في أفضل الأوطان ، وإن عظم ونأى بجانبه فأعظم به من خسران .
ومن أعمال القلوب أن نكثر من ذكر الله بقلوبنا فإنه من المثمر للأحوال عند ذي الجلال من ذكر اللسان ، وأن نختار من المعارف أفضلها فأفضلها ، ومن الأحوال أكملها فأكملها ، وأن نحفظ الأوقات فلا نصرف شيئا إلا [ ص: 226 ] في أفضل القربات اللائقة بتلك الأوقات ، فقد يكون الاشتغال بالمفضول في بعض الأوقات أولى من الاشتغال بالفاضل في غيرها كالاشتغال بالدعاء فإنه أفضل من الاشتغال بالذكر في غير أوانه كالدعاء بين السجدتين فالاشتغال به أفضل من الاشتغال بالتسبيح والثناء ، كذلك قراءة القرآن في الركوع والسجود والقعود فإن الله شرع لكل وقت طاعة هي فيه أفضل من غيرها فيه ، وإنما يشتغل بالأفضل فالأفضل إذا كان صالحا لهما جميعا ، والهداية لأفضل الأعمال والأحوال والأقوال في أوقاتها المضروبة لها أفضل ما من به الإله سبحانه وتعالى .