أصول العلم وبيان حكم الأخذ والعمل بالأحاديث المتواترة والآحاد
وأما أصول العلم، فهي الكتاب والسنة، وتنقسم السنة إلى قسمين:
أحدهما: خبر متواتر، ينقله الكافة عن الكافة، فهذا من الحجج القاطعة للأعذار كلها؛ إذ لم يوجد هناك خلاف.
ومن رد مثل هذا الخبر منهم، فقد رد نصا من نصوص الله تعالى، يجب استتابته عنه، وإراقة دمه إن لم يتب؛ لخروجه مما أجمع عليه جميع المسلمين قاطبة بلا خلاف، وأن هذا قد سلك غير سبيل جميعهم.
والضرب الآخر من السنة: ورواية الثقات الأثبات بالسند المرفوع المتصل الصحيح الحسن. خبر الآحاد،
فهذا أيضا يوجب العمل عند جماعة من علماء الأمة وسلفها، الذين هم القدوة في الدين، والحجة الأسوة في الشرع المبين.
ومنهم من قال: إنه يوجب العلم والعمل جميعا، وهو الحق، وعليه درج سلف هذه الأمة وأئمتها؛ لأن المتواترات على حسب اصطلاحات القوم قليل جدا. وغالب السنة الشريفة آحاد، والعمل بها واجب حتم.
وآحاد هذه الأخبار أعلى درجة وأكمل صحة من آحاد الآراء بلا ريب ولا شك؛ فإن سند الرأي منقطع، وسند الخبر متصل، فأين هذا من ذاك؟!