ومهما اشتدت نار الغضب وقوي ، اضطرامها أعمت صاحبها وأصمته عن كل موعظة فإذا وعظ لم يسمع ، بل زاده ذلك غضبا وإذا استضاء بنور عقله ، وراجع نفسه لم يقدر إذ ينطفئ نور العقل ، وينمحي في الحال بدخان الغضب فإن معدن الفكر الدماغ يستولي على معادن الفكر وربما يتعدى إلى معادن الحس ، فتظلم عينه حتى لا يرى بعينه وتسود عليه الدنيا بأسرها ويكون دماغه على مثال كهف اضطرمت فيه نار فاسود ، جوه وحمي مستقره وامتلأ بالدخان جوانيه وكان فيه سراج ضعيف فانمحى أو انطفأ نوره ، فلا تثبت فيه قدم ولا يسمع فيه كلام ولا ترى فيه صورة ولا يقدر على إطفائه لا من داخل ، ولا من خارج . ويتصاعد عند شدة الغضب من غليان دم القلب دخان مظلم إلى الدماغ
بل ينبغي أن يصبر إلى أن يحترق جميع ما يقبل الاحتراق فكذلك يفعل الغضب بالقلب ، والدماغ ، وربما تقوى نار الغضب فتفني الرطوبة التي بها حياة القلب ، فيموت صاحبه غيظا كما تقوى النار في الكهف فينشق ، وتنهد أعاليه على أسفله ؛ وذلك لإبطال النار ما في جوانبه من القوة الممسكة الجامعة لأجزائه فهكذا ، . حال القلب عند الغضب