الباب الثاني في محبته- صلى الله عليه وسلم- للفأل الحسن وتركه الطيرة
روى الإمام أحمد وأبو داود عن والنسائي بريدة- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير من شيء ، ولكنه كان إذا أراد أن يأتي أرضا سأل عن اسمها ، فإن كان حسنا فرح به ، ورؤي البشر في وجهه ، وإن كان قبيحا رؤي كراهية ذلك في وجهه ، فكان إذا بعث رجلا وفي لفظ عاملا سأل عن اسمه فإن كان حسن فرح له ، ورؤي البشر في وجهه ، وإن كان قبيحا رؤي كراهية ذلك في وجهه .
وروى عن الإمام أحمد - رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير ، ويعجبه كل اسم حسن .
وروى أبو داود عن وابن حبان - رضي الله تعالى عنه- أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته فقال : «أخذنا فألك من فيك» .
وروى وصححه عن الترمذي رضي الله تعالى عنه- أنس- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع يا راشد ، يا نجيح .
وروى في الأدب عن البخاري أبي حدرة- رضي الله تعالى عنه- قال :
قال : فلان . قال : اجلس ثم قام آخر ، فقال فلان فقال اجلس ثم قام آخر ، فقال : ما اسمك ؟ قال : ناجية ، قال : أنت لها فسقها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يسوق إبلنا هذه ؟ أو قال : من يبلغ هذه ؟ قال رجل : أنا فقال ما اسمك ؟
وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر عن الحضرمي بن لاحق عن والبزار عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عبد الله بن بريدة «إذا أبردتم بريدا ، فأبردوه حسن الوجه حسن الاسم» .
وروى - رحمه الله تعالى- برجال ثقات غير الطبراني سعيد بن أسد بن موسى فيحرر حاله عن رضي الله تعالى عنه- قال : عقبة بن عامر- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من يبلغنا من لقاحنا ؟ » فقام رجل ، فقال : أنا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ قال : صخر أو جندل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجلس ، ثم قال : «من يبلغنا من لقاحنا ؟ » فقام رجل آخر ، فقال : أنا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ قال : يعيش ، قال : «بلغنا من لقاحنا» .
وروى في الموطأ الإمام مالك يحيى بن سعيد موقوفا عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ناقة يوما فقال من يحلب هذه ؟ فقام رجل ، فقال : أنا ، فقال له : ما اسمك ؟ فقال الرجل : مرة فقال له : اجلس ، ثم قال : «من يحلب هذه ؟ » فقال رجل آخر : أنا ، فقال : «ما اسمك ؟ » فقال : [ ص: 356 ] جمرة ، فقال له : اجلس ، ثم قال : «من يحلب هذه ؟ » فقال رجل : أنا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ فقال : يعيش ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «احلبها» . عن
وروى الحكيم الترمذي والقاسم بن أصبع عن نحوه قال : عبد الله بن بريدة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير ولكن يتفاءل ، وكانت قريش جعلت مائة من الإبل لمن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث توجه إلى المدينة ، فرد إليهم ، فركب بريدة في سبعين راكبا من قريش ، فتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : من أنت ؟ قال : أنا بريدة ، فالتفت إلى رضي الله تعالى عنه- فقال : يا أبي بكر- برد أمرنا وصلح قال : وممن أنت ؟ قال : من أبا بكر ، أسلم ، فقال سلمنا ، قال : وممن ؟ قال : من لأبي بكر : بني سهم ، قال : خرج سهمك ، فأسلم بريدة ، وأسلم الذين معه ، وتقدمت القصة في حديث الهجرة .
وروى برجال ثقات غير الطبراني كثير بن عبد الله ضعيف ، وحسن له عن الترمذي عمرو بن عوف المزني- رضي الله تعالى عنه- ورواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : هاكها خضرة ، فقال رسول الله : «يا لبيك ، نحن أخذنا ذلك من فيك اخرجوا بنا إلى خضرة» ، فخرجوا إليها فما سل فيها سيف في الطب من حديث أبو نعيم عبد الله بن كثير المزني عن أبيه عن جده .
وروى الشيخان رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنس- ويعجبني الفأل الصالح ، والكلمة الطيبة» . «لا عدوى ولا طيرة ، عن