قد سبق الكلام في بر الوالدين وقد قال تعالى : { وبالوالدين إحسانا } وقال تعالى : { أن اشكر لي ولوالديك } .
والأم أولى بالبر وفي ذلك وصلة الرحم أحاديث كثيرة وفيها شهرة ومن صحيحها { } . إن من أتم البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعدما يولي
وذكر الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عبد البر من أراد أن يصل أباه بعد موته فليصل إخوان أبيه } وقوله صلى الله عليه وسلم { } وقوله عليه السلام { الود يتوارث والبغض يتوارث ثلاث يطفئن نور العبد أن يقطع ود أهل أبيه ويبدل سنة صالحة ويرمي ببصره في الحجرات } . ومكتوب في بعض كتب الله تعالى : لا تقطع من كان أبوك يصله فيطفأ نورك .
وقال : بت أغمز رجلي أمي وبات عمي يصلي ليلته فما سرني ليلته بليلتي . وعن محمد بن المنكدر قال : إنما رد الله عقوبة ابن عباس سليمان عن الهدهد لبره بأمه ، .
ورأى رجلا يمشي خلف رجل فقال : من هذا قال : أبي قال لا تدعه باسمه ولا تجلس قبله ولا تمش أمامه وقد قال الشاعر في ابنه : أبو هريرة
يود الردى لي من سفاهة رأيه ولو مت بانت للعدو مقاتله إذا ما رآني مقبلا غض طرفه
كأن شعاع الشمس دوني يقابله
[ ص: 454 ] وسبق قريبا تأديب الولد . وينبغي الصبر على البنات والإحسان إليهن وأن لا ينفل عليهن الذكور بغير سبب شرعي ، وفي ذلك أخبار كثيرة في الصحاح وغيرها .
وقد دخل على عمرو بن العاص وعنده بنت له فقال له أبعدها الله عنك يا أمير المؤمنين فوالله ما علمت أنهن يلدن إلا عدوا ، ويقربن البعداء ، ويورثن الضغائن ، فقال معاوية : لا تقل هذا يا معاوية عمرو فوالله ما مرض المرضى ولا ندب الموتى ولا أعون على الأحزان منهن ، ولرب ابن أخت قد ينفع خاله .
وقال البنون نعم ، والبنات حسنات ، والله عز وجل يحاسب على النعم ويجازي على الحسنات وقال محمد بن سليمان : منصور الفقيه :
أحب البنات وحب البنات فرض على كل نفس كريمه
لأن شعيبا من أجل البنات أخدمه الله موسى كليمه
قال : رضي الله عنه عجلوا بكنى أولادكم لا تسرع إليهم الألقاب السوء ، . عمر بن الخطاب
وكتب إلى أمراء الأمصار : علموا أولادكم العوم والفروسية وما سار من المثل وما حسن من الشعر وكان يقال من تمام ما يجب للأبناء على الآباء تعليم الكتابة والحساب والسباحة قال عمر بن الخطاب لمعلم ولده : علم ولدي السباحة قبل أن تعلمهم الكتابة ، فإنهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الدعاء عليهم . وكان يقال الدعاء على الولد والأهل بالموت يورث الفقر . الحجاج
وفي صحيح { مسلم } وصح عنه عليه السلام { أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم [ ص: 455 ] ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي . فقال إن كنت كما تقول فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك } قال ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال { ابن عبد البر : حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على الولد } قال الشاعر :
وجدت قريب الود خيرا وإن نأى من الأبعد الود القريب المناسب
ورب أخ لم يدنه منك والد أبر من ابن الأم عند النوائب
ورب بعيد حاضر لك نفعه ورب قريب شاهد مثل غائب
وقال منصور الفقيه :
ولا خير في قربى لغيرك نفعها ولا في صديق لا تزال تعاتبه
يخونك ذو القربى مرارا وإنما وفى لك عند الجهد من لا تناسبه
وقال في الفضل بن العباس بني أمية :
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنشروا بيننا ما كان مدفونا