وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا قوله تعالى : قوله تعالى : وقرآنا فرقناه مذهب أن قرآنا منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر . وقرأ جمهور الناس فرقناه بتخفيف الراء ، ومعناه بيناه وأوضحناه ، وفرقنا فيه بين الحق والباطل ; قاله سيبويه الحسن . وقال ابن عباس : فصلناه . وقرأ ابن عباس وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وقتادة وأبو رجاء " فرقناه " بالتشديد ، أي أنزلناه شيئا بعد شيء لا جملة واحدة ; إلا أن في قراءة والشعبي ابن مسعود وأبي " فرقناه عليك " . واختلف ; فقيل : في خمس وعشرين سنة . في كم نزل القرآن من المدة ابن عباس : في ثلاث وعشرين . أنس : في عشرين . وهذا بحسب الخلاف في سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا خلاف أنه نزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة . وقد مضى هذا في [ البقرة ] .
على مكث أي تطاول في المدة شيئا بعد شيء . ويتناسق هذا القرآن على قراءة ابن مسعود ، أي أنزلناه آية آية وسورة سورة . وأما على القول الأول فيكون على مكث أي على ترسل في التلاوة وترتيل ; قاله مجاهد وابن عباس . فيعطي القارئ القراءة حقها من ترتيلها وتحسينها وتطييبها بالصوت وابن جريج الحسن ما أمكن من غير تلحين ولا تطريب مؤد إلى تغيير لفظ القرآن بزيادة أو نقصان [ ص: 305 ] فإن ذلك حرام على ما تقدم أول الكتاب . وأجمع القراء على ضم الميم من مكث إلا ابن محيصن فإنه قرأ مكث بفتح الميم . ويقال : مكث ومكث ومكث ; ثلاث لغات . قال مالك : على مكث على تثبت وترسل .
قوله تعالى : ونزلناه تنزيلا مبالغة وتأكيد بالمصدر للمعنى المتقدم ، أي أنزلناه نجما بعد نجم ; ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا .