القول في ومنهم أميون ) تأويل قوله تعالى (
قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ( ومنهم أميون ) ، ومن هؤلاء - اليهود الذين قص الله قصصهم في هذه الآيات ، وأيأس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيمانهم فقال لهم : أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم إذا لقوكم قالوا : آمنا ، كما : -
1352 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( ومنهم أميون ) ، يعني : من اليهود .
1353 - وحدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع مثله .
1354 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد : ( ومنهم أميون ) ، قال : أناس من يهود .
قال أبو جعفر : يعني ب " الأميين " ، الذين لا يكتبون ولا يقرءون .
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم يقال منه : " رجل أمي بين الأمية " . كما : - : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب "
1356 - حدثني المثنى قال ، حدثني سويد بن نصر قال ، أخبرنا ابن [ ص: 258 ] المبارك ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب ) ، قال : منهم من لا يحسن أن يكتب .
1357 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( ومنهم أميون ) قال : أميون لا يقرءون الكتاب من اليهود .
وروي عن ابن عباس قول خلاف هذا القول ، وهو ما : -
1358 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عثمان بن سعيد ، عن بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( ومنهم أميون ) ، قال : الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله ، ولا كتابا أنزله الله ، فكتبوا كتابا بأيديهم ، [ ص: 259 ] ثم قالوا لقوم سفلة جهال : هذا من عند الله . وقال : قد أخبر أنهم يكتبون بأيديهم ، ثم سماهم أميين ، لجحودهم كتب الله ورسله .
قال أبو جعفر : وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم ، وذلك أن " الأمي " عند العرب : هو الذي لا يكتب .
قال أبو جعفر : وأرى أنه قيل للأمي " أمي " ; نسبة له بأنه لا يكتب إلى " أمه " ، لأن الكتاب كان في الرجال دون النساء ، فنسب من لا يكتب ولا يخط من الرجال - إلى أمه - في جهله بالكتابة ، دون أبيه ، كما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " ، وكما قال : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) [ الجمعة : 2 ] . فإذا كان معنى " الأمي " في كلام العرب ما وصفنا ، فالذي هو أولى بتأويل الآية ما قاله النخعي ، من أن معنى قوله : ( ومنهم أميون ) : ومنهم من لا يحسن أن يكتب .