[ ] مقتل ابن سهل ودية الرسول إلى أهله
فأقامت يهود على ذلك ، لا يرى بهم المسلمون بأسا في معاملتهم ، حتى عدوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن سهل ، أخي بني حارثة ، فقتلوه ، فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون عليه .
[ ص: 355 ] قال ابن إسحاق : فحدثني الزهري عن سهل بن أبي حثمة ، وحدثني أيضا بشير بن يسار ، مولى بني حارثة ، عن سهل بن أبي حثمة ، قال : أصيب عبد الله بن سهل بخيبر ، وكان خرج إليها في أصحاب له يمتار منها تمرا ، فوجد في عين قد كسرت عنقه ، تم طرح فيها ، قال : فأخذوه فغيبوه ، ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له شأنه ، فتقدم إليه أخوه عبد الرحمن بن سهل ، ومعه ابنا عمه حويصة ومحيصة ابنا مسعود ، وكان عبد الرحمن من أحدثهم سنا ، وكان صاحب الدم ، وكان ذا قدم في القوم ، فلما تكلم قبل ابنى عمه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكبر الكبر .
قال ابن هشام : ويقال : كبر كبر - فيما ذكر مالك بن أنس - فسكت ، فتكلم حويصة ومحيصة ، ثم تكلم هو بعد ، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قتل صاحبهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال أتسمون قاتلكم ، ثم تحلفون عليه خمسين يمينا فنسلمه إليكم ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما كنا لنحلف على ما لا نعلم قال : أفيحلفون بالله خمسين يمينا ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا ثم يبرءون من دمه ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما كنا لنقبل أيمان يهود ، ما فيهم من الكفر أعظم من أن يحلفوا على إثم قال : فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده مئة ناقة . سهل : فوالله ما أنسى بكرة منها حمراء ضربتني وأنا أحوزها .
قال ابن إسحاق : وحدثني ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عبد الرحمن بن بجيد بن قيظي ، أخي بني حارثة ، قال محمد بن إبراهيم : وايم الله ، ما كان سهل بأكثر علما منه ، ولكنه كان أسن - منه ، إنه قال له : والله ما هكذا كان الشأن ولكن سهلا أوهم ، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلفوا على [ ص: 356 ] ما لا علم لكم به ، ولكنه كتب إلى يهود خيبر حين كلمته الأنصار : إنه قد وجد قتيل بين أبياتكم فدوه ، فكتبوا إليه يحلفون بالله ما قتلوه ، ولا يعلمون له قاتلا . فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده
قال ابن إسحاق : وحدثني عمرو بن شعيب مثل حديث عبد الرحمن بن بجيد ، إلا أنه قال في حديثه :
دوه أو ائذنوا بحرب . فكتبوا يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا ، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده .