وقال [ ص: 491 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هواز ن ، وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل ؟ فقالوا : هو بالطائف مع ثقيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبروا أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله ، وأعطيته مئة من الإبل ، فأتى مالكا مالك بذلك ، فخرج إليه من الطائف . وقد كان مالك خاف ثقيفا على نفسه أن يعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ما قال ، فيحبسوه ، فأمر براحلته فهيئت له ، وأمر بفرس له ، فأتي به إلى الطائف ، فخرج ليلا ، فجلس على فرسه ، فركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تحبس ، فركبها ، فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأدركه بالجعرانة أو بمكة ، فرد عليه أهله وماله ، وأعطاه مئة من الإبل ، وأسلم فحسن إسلامه ، فقال مالك بن عوف حين أسلم :
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله في الناس كلهم بمثل محمد أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي
ومتى تشأ يخبرك عما في غد وإذا الكتيبة عردت أنيابها
بالسمهري وضرب كل مهند فكأنه ليث على أشباله
وسط الهباءة خادر في مرصد
فاستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه ، وتلك القبائل : ثمالة ، وسلمة ، وفهم ، فكان يقاتل بهم ثقيفا ، لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه ، حتى ضيق عليهم ؛ فقال أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي :
هابت الأعداء جانبنا ثم تغزونا بنو سلمه
وأتانا مالك بهم ناقضا للعهد والحرمه
وأتونا في منازلنا ولقد كنا أولي نقمه